UAE
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

في سيرة القدم الحافية -1-

لو أردنا أن نؤرخ أو نوثق لسيرة القدم الحافية التي كانت هي الغالبة على الأهل قديماً، حيث كان الحفاء دفئاً، وصحياً كما أثبتت بعض الدراسات، وخالفتها دراسات أخرى، واشترطت أنواعاً معينة من الجوارب، وأنواعاً معينة من الأحذية، وأفضلها الصحية التي بلا رونق ولا ذوق، ولكنها مفيدة للقدم والأصابع، لوجدنا أن كثيراً من الأهل كانوا يمشون حفاة للمناطق والمسافات القريبة، وأن الأحذية كانت للزينة وأيام الأعياد، يومها كان الرمل ناعماً ونظيفاً، وخالياً من مواد حديدية أو زجاجية، فقط يمكن أن تدوس على شوكة أو تدخل شَرّيعة في أصبعك، كان باطن القدم سميكاً حتى إنه يستعصي على الشوكة الناعمة أن تدخله، وكان عقب القدم متشققاً، ويشبه حرشف الأسماك، ويمكن أن يقطع مثل سكين من قساوته، وحين يصيبهم الحفاء كانوا يحنون القدم، ويضعون عليها شيئاً مثل الشحم لكي تطرى وتلين قليلاً، وفي زمنهم البعيد عرفوا أنواعاً من النعل مثل القشرة، وهي مصنوعة من لحاء وليف النخل وحباله، وكان يستعملها «البيدار» في رقي النخل العوّان، الطويل، لأنه صعب المرقى، وفيه شوك، ومنه أخذوا المثل الذي يقال للمتعلث: «الطويلة ما تنرقى، والصغيرة فيها شوك»، وكانت أخرى تصنع من كرب النخل، وهي قاسية، وكانت هناك أنواع من الجلديات تصنع محلياً من قبل أناس جاؤوا من بر فارس أو من المناطق البحرية القريبة أو من الهند، فعرفنا النعل «الجَبَليّ»، والنساء عرفن «الكوش»، والأطفال عرفوا «البلكيه»، والنعال «أم سير»، و«أم خاتم»، والقرحاف، وهي أشبه بالشبشب الخشبي، وتسمى النعال «الوطيّه» والمداس، ثم تم تصنيع نعل قوي من بقايا إطارات السيارات، ثم جاءت «الزنوبة»، وعرف بعض الناس النعال النجدية، وهي من «شفايا الحجيج»، وحين جاء الإنجليز، وخاصة العسكر، جلبوا معهم الحذاء الصحراوي، وهو من نوع «كلارك» لونه رملي، وبخيط، وحينما كنا صغاراً عرفنا بعض الأحذية الرياضية الخفيفة، واليوم عادت من جديد موضة للشباب والبنات، كان الرياضي بلون أسود وأبيض، وكان يتفنن به «باكات» فريق كرة القدم في تطيير الكرة أو اللعب بـ«بوز» الحذاء، وهناك نوع كان يلبسه الرياضيون والبناؤون والحمالون في السوق، وهو من النوع الأبيض، والذي سرعان ما يتحول إلى اللون الرمادي الإسمنتي.
وفي أواخر السبعينيات جاءتنا نعال جلدية أنيقة يغلب عليها اللون الأبيض، وجلبها أحد التجار اللبنانيين، وكان يقول إنها صناعة «طلياني»، وكانت تبيعها محلات «رد شو»، وتمسكت باسمها، وأصبحت موضة، لأنها أول نعال مرتفعة عن الأرض، ومريحة في المشي، وفيها أناقة، بعدها جلب اللبنانيون أيضاً نعال «تميمة»، والتي قلدتها اليوم كل المحلات بمسمياتها المختلفة، والتي ظل يرتفع سعرها من 80 درهماً حتى وصل بعضها اليوم إلى الآلاف، ومن جلود النعام والغزال والأفاعي.. وغداً نكمل.