UAE
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

أوكرانيا بين الواقعية والليبرالية

 
 بعد انضمام الأربعة أقاليم الأوكرانية: دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا لروسيا، وجدنا ردات فعل متباينة بين غرب غاضب وشرق غالب.

فالاتحاد الأوروبي قال إنه «لن يعترف مطلقاً باستفتاءات غير قانونية أجرتها روسيا كذريعة لانتهاك استقلال أوكرانيا»، أما فلاديمير بوتين فقال خلال خطابه: «الغرب يصنف العالم إلى دول موالية له ودول يهاجمها لأنها لا تقبل أن ترضخ لسياساته ولأوامره»، مخاطباً سكان الأربع أقاليم: «أهلاً بكم في الوطن».

يرى الكثير من المحللين أن المشكلة الأساسية في أوكرانيا تكمن في الاختلافات بين منظري العلاقات الدولية: الواقعيين والليبراليين. فالاختلافات بين منظري الواقعية والليبرالية لمسألة المستقبل الجيوسياسي لأوكرانيا جذرية وصعب التوفيق بينهما.

فالواقعيون يرون أن هناك انقساماً تاريخياً وثقافياً بين شرق البلاد الموالي لروسيا والغرب الموالي لأوروبا بدليل نتيجة الاستفتاء، والتي كان سببها ذلك الانقسام، وبالتالي أصبحت أوكرانيا منطقة لمواجهة القوى الجيوسياسية المتنافسة.

ومن ناحية أخرى، يرى منظرو العلاقات الدولية الليبرالية أن الحل يكمن في أن تكون أوكرانيا ديمقراطية مزدهرة بعيدة عن النموذج الذي تمثله روسيا، وبالتالي يجب منح أوكرانيا الضوء الأخضر للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو». وهنا يختلف معهم الواقعيون الذين يرون أن أوكرانيا دولة يجب أن تراعي أنها جارة لدولة قوية وعليها أن توازن في العلاقات بين موسكو والغرب.

لذلك من المستحيل أن تصبح أوكرانيا عضواً كامل العضوية في «الناتو» والاتحاد الأوروبي لأن هذا سيتعارض مع المصالح الأمنية الروسية، والمواجهة ستدفع روسيا لاستخدام القوة. وهنا نرى الاختلاف الكبير بين منظري الواقعية السياسية والليبرالية، فالأول يرى أوكرانيا ضحية لتاريخها وموقعها الجغرافي، أما الثاني فيرى أوكرانيا ملازمة للغرب وفي المواجهة بين الغرب وروسيا.

ومن المفارقات أن دور أوكرانيا على الساحة الدولية صغير، لكن تأثير هذه الحرب كبير جداً عليها، فعلى المدى البعيد ستهتز ثقة أوكرانيا في ذاتها الجيوسياسية، مما سيعيق هويتها الذاتية وحرية تصرفها.

والنتيجة ستكون استنساخاً كاملاً للغرب من دون مراعاة اختلافات السياسة الخارجية ما بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. ومع ذلك، لا يزال هناك مجال لقدرة أوكرانيا على أن تكون سيدة مصيرها من خلال تغيير موقف النخبة السياسية الأوكرانية.

من الواضح أن النخب الأوكرانية تميل إلى رمي المسؤولية على غيرها في مجالات مختلفة مثل الأمن والسياسة والاقتصاد. فما يدور في أذهان العديد من المسؤولين الأوكرانيين كالتالي: نحن بحاجة إلى حلف «الناتو» لحماية حدودنا مع روسيا، والولايات المتحدة للحصول على الدعم المالي والسياسي، والاتحاد الأوروبي لتوفير الموارد للبنية التحتية والتنمية، وبالتالي فإن الهدف من السياسة الخارجية الأوكرانية هو فقط «المطالبة» وليس «العطاء».

ولخلق حل وسط بين الحقائق القاسية للواقعيين والتفاؤل غير المجدي لليبراليين هو ضرورة وجود المزيد من المسؤولين والقادة الأوكرانيين المستقلين كي لا تتأرجح الدولة بين الغرب والشرق.

* باحثة سعودية في الإعلام الحكومي.