سعد عبد الراضي (أبوظبي)
انتهت الحلقة الخامسة من حلقات البث المباشر للنسخة العاشرة من برنامج «أمير الشعراء» أمس بحصول الشاعر العراقي خالد الحسن على بطاقة التحكيم ودخول شاعري تونس والسنغال وشاعرة ليبيا في مرحلة التصويت. والبرنامج الذي تنظمه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، في إطار استراتيجيتها الثقافية الهادفة إلى صون التراث الثقافي، وتعزيز الاهتمام بالأدب والشعر العربي انقضى منه خمس حلقات في مرحلته الأولى، وفي مستهل الحلقة الحلقة الخامسة، التي حضرها العديد من الشعراء والإعلاميين والأدباء وجمهور الشعر ومتذوقيه، رحّبت الإعلامية لجين عمران بالجمهور، وأعضاء لجنة تحكيم البرنامج الدكتور علي بن تميم، رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، والدكتورة أماني فؤاد، أستاذة النقد الأدبي الحديث بأكاديمية الفنون بالقاهرة، والدكتور محمد حجو، أستاذ السيميائيات وتحليل الخطاب بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس بالرباط.
اليوم للغد
وتلا ذلك تقرير بعنوان «اليوم للغد... شعار عام الاستدامة» احتفالاً بإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، العام 2023 عاماً للاستدامة، تكاملاً لدعم التوجهات العالمية التي تسعى لضمان المحافظة على المبادرات المعنية بالاستدامة والعمل المناخي والبيئة من خلال توحيد جهود المجتمع الدولي وتعزيز الشراكات الرائدة والحلول المبتكرة في مجالات البيئة والحياد المناخي والطاقة النظيفة والمتجددة.
ثم كان لقاء الإعلامي الإماراتي عيسى الكعبي خلف الكواليس، بشعراء الحلقة الماضية نور الموصلي من سوريا، وأحمد بوفحتة من الجزائر، وعبدالله بن محمد العنزي من السعودية، الذين توجهوا بالشكر لأصدقاء الشعر وأهالي الشعراء ومواطني دولهم الذين لم يقصروا في دعمهم والتصويت لهم.
وبعد تقرير استعادي للحظات إعلان نتائج تصويت الجمهور في الحلقة السابقة، أعلنت لجين عمران نتائج تصويت الجمهور للشعراء المتبقين من الحلقة الرابعة، حيث تأهل الشاعران عبدالله العنزي من السعودية بنتيجة 87%، ونور الموصلي من سوريا بنتيجة 50%، وتلا ذلك الإعلان عن شعراء الحلقة وهم: إبراهيم توري من السنغال، وخالد الحسن من العراق، وزكريا عيساوي من تونس، وفاطمة مفتاح من ليبيا. ثم كان لقاء الإعلامي عيسى الكعبي خلف الكواليس مع الشاعرين إبراهيم توري وخالد الحسن اللذين عبرا عن أملهما في الانتقال إلى المراحل التالية من البرنامج، حيث تناول إبراهيم علاقة مجتمعه السنغالي بالشعر واللغة العربية والكتاتيب، بينما تناول خالد إرث العراق الكبير في الشعر والحضارة.
إشراقات شعرية
وأنشد الشاعر الأول ضمن الحلقة إبراهيم توري من السنغال قصيدة بعنوان «أسراب الضوء» مهدياً إياها إلى طلبة اللغة العربية في السنغال والعالم، حيث رأى الدكتور علي بن تميم أنّ الشاعر «يستعيد قصص الطوفان وفتية الكهف، في قصيدة تتصف بالعمومية والذهنية وتحوّل تجربة فتيان الكتاتيب وصولاً إلى استدعاء للحظة المسامرة معهم»، مشيراً إلى إشراقات شعرية تحفل بها القصيدة التي تمنح فتيان الكتاتيب طابعاً إنسانياً، بلغة متقنة وسبك رصين. أما الدكتور محمد حجو فأشاد بإلقاء الشاعر السلس، قائلاً: «تستحضر تلاميذ الكتاتيب في البيت الخامس ومشهدهم في البيت التاسع بشكل جميل، كما تستحضر اللوح المحفوظ وما يحمله من أقدار للناس»، ملاحظاً أنّ للقصيدة خصوصيتها وملامح جمالها. ورأت الدكتورة أماني فؤاد أنّ في النص راوياً يقدّم القصيدة وأهلها جامعاً في حداثته الشعرية بين الشعر والمسرح والفنون الأخرى، وقالت: «أجمل ما في نصك النبل والخروج من الغنائية إلى الإنسانية، ترصد أحوال الفقراء والمحتاجين وتحكي عن مسامراتك لهم، هؤلاء الذين لا عاشوا ولا ماتوا».
استحضار حي بن يقظان
ثاني شعراء الحلقة كان خالد الحسن من العراق الذي ألقى قصيدة بعنوان «موجة على ساحل حي بن يقظان»، رأى الدكتور محمد حجو أنها تحتاج إلى عنوان مثنياً على مطلعها الحواري الجميل، قائلاً: «لغتك تعثرت قليلاً وأنت تحاول أن تصوّر شتاتك»، ومشيداً بجمال تصوير الشاعر في قصيدته. أما الدكتورة أماني فؤاد فأشادت بعمل الشاعر على تصوير معاناة رحلة المعرفة والوصول بالقلب دون عناء، وتجسيد رحلة حي بن يقظان في موجة أخرى على ساحل جزيرته، تضاف إلى موجات بدأها ابن سينا ثم السهروردي والآخرون، وقالت: يحمل نصك تماساً مقدساً مع الهامشي واليومي، في دعوة إلى التسامح وجمع الشتات. وختم الدكتور علي بن تميم بالقول: «يُحمد لك أنك تستدعي حي بن يقظان لابن طفيل، لقيمة هذا العمل المهم الذي ألهم كبار المفكرين والأدباء الأوروبيين»، مضيفاً: «رأينا الشاعر لديك يتشكل من ورق ونهر وروح لكي يحاكي طبيعة حي بن يقظان، ولا تكاد تنجح في القصيدة حيلة الشاعر لتقمص شخصية وصوت حي بن يقظان».
رسائل محبة
وبعد إطلالة الشاعرين كان لقاء الإعلامي عيسى الكعبي مع كل من زكريا عيساوي وفاطمة مفتاح اللذين اعتبرا أن الشعر يسكنهما، وأن نصوصهما الشعرية تفتح نوافذ الأمل وترسل رسائل المحبة.
محطة غنائية
وكان جمهور البرنامج مع محطة غنائية أدت خلالها الفنانة لبنى قصيدة من الشعر الفصيح بالتعاون مع الفنان الإماراتي طارق المنهالي والشاعر المغربي عمر الراجي أحد نجوم برنامج «أمير الشعراء».
روح المتنبي
وفي قصيدة بعنوان «عطرٌ من جروحنا» ألقى الشاعر التونسي زكريا عيساوي قصيدة مفعمة بالألم والأمل معاً، علقت عليها الدكتورة أماني فؤاد قاذلة: «يبقى الشعر لديك الوطن البديل، بنهايات قلقة لا تعطي إضافة، توطّد بإصرار العلاقة بينك وبين وطنك وبلادك»، أول عتبات القصيدة حيث تظل الأوطان العطر الذي يشع من روحنا بتعانق الأبيض مع الأزرق وعقود الياسمين. وقال الدكتور علي بن تميم: «تستعيد أبا الطيب في روائعه الشعرية التي افتتح بها مجلسه مع سيف الدولة، وإنشاده قصيدته متحدياً كبار الشعراء». وتابع: «يريد النص أن يستعيد شيئاً من أجواء التحدي التي عاشها المتنبي، ففي القصيدة الكثير من روحه، تغربه وكبريائه، وروحه المعذبة»، مشيداً بالرؤية الشفيفة واللغة المتقنة والتراكيب الأنيقة. وختم الدكتور محمد حجو بأن في نص الشاعر جملاً تنضح بجمال وتعكس هوسه بالشعر، وقال: «هناك ألفاظ جميلة نحس بأنها عقيمة في سياق التراكيب لا تولد ذاك الجمال المنتظر، فخذ الشعر بقوة».
الوطن والطفولة
رابعة شعراء الحلقة فاطمة مفتاح من ليبيا تقمّصت روح صحراء بلادها المترامية الأطراف مع قصيدتها «قبضة من رمل» فأبدعت في تصوير تاريخ وطنها العريق بين الشموخ والماء، ورأى الدكتور علي بن تميم أنّ الشاعرة نجحت في استثمار إمكانات بحر الخفيف فعبرت بسلاسة وخفة وجمال، قائلاً: «لا يمكن لصورة الماضي أن تكون بهذا الكمال الذي صوّرتها به، ربما تبالغين في تجميل صورة الماضي كي تواجهي قبح الواقع»، وتابع: «تشابه قصيدتك قصيدة نزارية تستخدم مفردات الحسين وكربلاء والنساء والدماء والسماء»، مشيداً بالقصيدة ذات اللغة الأنيقة، سلسة التراكيب، على رغم أنها تنخفض إلى مستوى النثرية أحياناً. أما الدكتور محمد حجو فأشاد بالقصيدة كونها قصيدة الطفولة والوطن التي تحمل الفرح الخائف والحائر والمتردد، والذي تغلب عليه صورة مشهد الحرب والصراع الغائبة في القصيدة، على رغم الملامح المشعة والصور الجميلة في القصيدة. أما الدكتورة أماني فؤاد فختمت مشيدة بجماليات التناقض في القصيدة، وأدوات القوة في الشعر وقدرة الشاعرة على الإبداع.
تأهل الشاعر خالد الحسن من العراق
بعد إضاءة الدكتور علي بن تميم على ملامح المرحلة المقبلة من البرنامج، وقوله «نحن ننتقل بثقة إلى المرحلة الثانية التي تتكون من ثلاث حلقات في كل حلقة ثلاثة شعراء»، متمنياً للمشاهدين أن يستمتعوا بليالي الشعر وإطلالات الشعراء، كان لقاء سريع للإعلامي عيسى الكعبي مع شعراء الحلقة الأربعة وراء الكواليس، تلاه استعراض محطات الحلقة ومشاركات الشعراء فيها.
وفي ختام الحلقة، أعلنت لجنة التحكيم عن تأهّل الشاعر خالد الحسن بدرجة 46 من خمسين، لينتظر الشعراء المتبقون نتيجة تصويت الجمهور لاختيار شاعرين يلتحقان بالمتأهل من شعراء الحلقة، حيث نال إبراهيم توري 45، ونال كل من زكريا عيساوي وفاطمة مفتاح درجة 42 من خمسين.