Lebanon
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

"الصدام السياسي وصل لأعلى مستوياته" في العراق.. هل يتطوّر الى صدام شيعي-شيعي مسلّح؟

يشعر العديد من العراقيين بالقلق من احتمال تصاعد حدة الصراع بين التيار الصدري من جهة وقوى الإطار التنسيقي المقرب من طهران من جهة ثانية واحتمال تحوله إلى صراع مسلح في ظل استمرار الطرفين المدججين بالسلاح باتخاذ خطوات تصعيدية تنذر بالأسوأ.

وحتى الآن، لا يبدو أن أيا من الجانبين مستعد للتراجع قيد أنملة في المواجهة المستمرة منذ عشرة أشهر والتي بدأت عندما خرج زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، منتصرا في انتخابات أكتوبر وسعى بعدها لتشكيل حكومة وفقا لشروطه، بيد أن خصومه في الإطار التنسيقي عرقلوا مساعيه.

ومع اعتصام أنصار الصدر في البرلمان واحتجاج معارضيه في الشوارع، أدى الخلاف حول تشكيل حكومة جديدة إلى فرض مزيد من الضغوط على نظام سياسي تعصف به الأزمات منذ عقدين.

والخميس، دعا مقرب من زعيم التيار الصدري أنصاره إلى تنظيم تجمعات "حاشدة" في المحافظات العراقية بالتزامن مع دعوات مماثلة أصدرها الإطار التنسيقي المقرب من إيران للتظاهر في محيط المنطقة الخضراء الجمعة.

وكان الصدر طالب، الأربعاء، في تغريدة القضاء العراقي بحل البرلمان قبل نهاية الأسبوع المقبل، مؤكدا مواصلة مناصريه اعتصامهم في محيط البرلمان داخل المنطقة الخضراء في وسط بغداد.

وفي أعقاب تغريدة الصدر، أصدر الإطار التنسيقي بيانا لم يذكر فيه قضية الانتخابات المبكرة والبرلمان، بينما شدد في المقابل على ضرورة المضي قدما بتشكيل حكومة.

ويأتي ذلك بعدما أعلن رئيس الوزراء العراقي الأسبق وخصم الصدر السياسي، نوري المالكي، الإثنين رفضه حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات مبكرة قبل عودة البرلمان إلى الانعقاد.

واقتحم مناصرو الصدر، أواخر يوليو، المنطقة الخضراء ودخلوا البرلمان، قبل أن ينقلوا اعتصامهم إلى محيطه.

هذا التصعيد وإصرار كلا الجانبين على موقفه مع نزول الأنصار إلى الشارع ينذر بالأسوأ وفقا لمراقبين لم يستبعدوا أن يتخذ الصراع منحى آخر قد ينتهي بالمواجهة المسلحة.

يقول المحلل السياسي، موفق الحربي، إن "الخطر الأكبر يكمن في استخدام الشارع من قبل الأطراف المتنازعة للحصول على مطالبهم".

ويضيف الحربي لموقع "الحرة" أن "التيار الصدري يمتلك ذراعا مسلحة قوية وكذلك قوى الإطار التنسيقي التي تضم فصائل مسلحة موالية لطهران"، مشيرا إلى أن "أي رصاصة طائشة تصدر من هذا الطرف أو ذاك معناه أن البلاد ستشهد مواجهات مسلحة وخسائر فادحة لن تنتهي إلا بنهاية أحد الطرفين".

ويرى الحربي أن "الصدر يعد من القادة السياسيين القلائل الذين يصعب ترهيبهم من قبل طهران، وقوته الحقيقية في أنه يمتلك فصيلاً مسلّحاً خاص به وبالتالي لديه القوة لفرض مواجهة حاسمة إذا أراد".

ويتزعم الصدر الذي يحظى بشعبية بين ملايين العراقيين "سرايا السلام" وهو فصيل مسلح ضمن الحشد الشعبي ولاعب مهم في السياسة العراقية ومعارض شديد للنفوذ الأميركي والإيراني في البلاد.

و"سرايا السلام" التي كانت تسمى سابقا بـ"جيش المهدي"، فصيل عسكري يتمركز في مناطق عدة ويتولى حماية المراقد المقدسة لدى الشيعة أبرزها ضريح الإمامين العسكريين في سامراء في وسط العراق. ولسرايا السلام مقار مركزية في النجف وبغداد وسامراء.

وخاض فصيل "جيش المهدي" صراعا مسلحا مع القوات الحكومية العراقية في عام 2008 عندما كان زعيم ائتلاف دولة القانون، المالكي، أحد أبرز قادة قوى الإطار التنسيقي، رئيسا للوزراء.

ومع ذلك يعتقد رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، أنه "من المبكر الحديث عن حصول تصادم مسلح قريب، خاصة وأن الصدر يحاول أن يستنفذ خياراته التي تتوافق مع الدستور والآليات الديمقراطية".

ويضيف الشمري لموقع "الحرة" أن الصدر "يدفع البرلمان باتجاه إيجاد الحلول، ويحاول الاستعانة بالسلطة القضائية كذلك"، مشيرا إلى أنه "لا يضع إلى الآن الصدام المسلح في حساباته على الرغم من أن الصدام السياسي وصل لأعلى مستوياته".

ويؤكد الشمري أن "الصدام المسلح لن يحصل في الوقت القريب على أقل تقدير على اعتبار أن الأمور لا تزال تمضي باتجاه امكانية الوصول إلى حل للازمة سواء بحل البرلمان أو تشكيل حكومة من شخصيات مستقلة والاتفاق على خارطة طريق للمرحلة المقبلة".

كذلك يشير الشمري إلى أن هناك نقطة أخرى تجعل خيار الصدام المسلح أمرا مستبعدا وتتمثل في أن طهران لا تريد ذلك، لأنها تعتقد أن أي صدام شيعي-شيعي سيجعلها أكبر الخاسرين، باعتبار أن أجنحتها المسلحة غير قادرة على مواجهة الصدر شعبيا وعسكريا".

أيضا يتحدث الشمري عن "كوابح" أخرى تمنع الصراع وعلى رأسها وجود المرجعية الدينية العليا في النجف التي لن "تسمح بحصول صدام".

وتعليقا على دعوة الصدر لإقامة "تجمعات حاشدة" في المحافظات وتزامنها مع عزم الإطاريين التظاهر في محيط المنطقة الخضراء الجمعة، يعتقد الشمري أن هذه التحركات هي محاولة لإثبات القوة.

ويقول الشمري إن قوى الإطار التنسيقي تريد إظهار قوتها جماهيريا "رغم أنها استخدمت هذا الخيار في السابق، لكنه لم ينجح كثيرا.. مثلما هو الحال مع الصدر الذي نجح في تعطيل عمل البرلمان".

وكجزء من عمليات إثبات القوة لا يستبعد الشمري حصول "احتكاك محدود" بين الطرفين المتنازعين لن يتطور بالضرورة إلى صراع مسلح مفتوح على الأقل في المستقبل القريب.