UAE
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

السينما حين تَكسِر الصورَ النمطية

 
لطالما تحدثنا عن محاربة العنصرية الدينية والعرقية، وكشف أهمية التآلف وعدم التفرقة بين الأديان، وأن العادات المجتمعية الموروثة المرتبطة بالتعصب يمكن تفكيكها من خلال الوعي ونشره في المجتمعات، ودائماً ما يكون للقوة الناعمة أكبر تأثير في حياة الناس والمجتمع من خلال التوعية وعبر الإعلام والثقافة والفنون، وكل ما يسهم في التقارب بين البشر، ومحاولة التأكيد على أن هذا العالم ما هو إلا قرية كونية كبيرة. ولطالما كان الفن السابع راسخاً في وجداننا من خلال أفلام ربما غيرت مفاهيم وعادات ومسلكيات كانت سائدةً، لتفتح تلك الأفلام آفاقاً جديدة، وتعمل على تطوير المجتمع من خلال تغيير أفكار خاطئة في المجتمعات، أو على الأقل إضاءتها وجعلها في حيز المفكَّر فيه.

شاهدتُ في الآونة الأخيرة فيلماً جديداً على إحدى المنصات، استوقفني بشدة لما فيه من رسائل قوية ومؤثرة، ولما فيه من كشف للواقع الذي قد نحاول حجبَه خلف أصبعنا، وهو أن المجتمعات تغيرت والأجيال القادمة تفهم هذا الكون بطريقة مختلفة، وربما تكون أكثر انفتاحاً وأقل تشدداً من حيث الأفكار المسبقة التي تحملها أو حتى من خلال سلوكها.

الفيلم الذي يحمل عنوان «أنتم أيها الناس»، ببساطة يطرح قضية الزواج المختلط بين شاب وفتاة من عرقين مختلفين وينتميان لدينين مختلفين، وكيف واجها رفضَ العائلتين، حيث كانت كل عائلة ترى أنه من المناسب أن يتم الزواج من أشخاص من ذات العرق والدين.

والمفارقة أن الفتاة أميركية سوداء ومسلمة الديانة، فيما الشاب أميركي أبيض البشرة ويهودي الديانة، لكن يبدو أن الاختلافات بينهما كانت كفيلة بخلق سلسلة من المشاكل التي كادت أن تمنع زواجهما. يروي الفيلم كيف أصرت في النهاية عائلة الشابة على جلب «إمام مسلم» وعائلة الشاب على جلب «حاخام يهودي»، ليمثل كل منهما طرفاً في هذا الزواج المدني، وكيف لم تستطيعا التواصل من دون وجود الصورة النمطية للعادات والتقاليد، وكيف أنه كان الأجدى بأفراد العائلتين التعامل مع «أميرة» و«عازرا» على أنهما بشران فقط لا أكثر ولا أقل.

وحتى حين حاولت أم عازرا أن تكون لطيفة مع أميرة، فإنها لم تستطع التعامل معها دون أن ترى فيها شخصاً يمثل المجتمع الأسود المسلم في أميركا، وكذلك فعل والد أميرة أيضاً مع عازرا. الفيلم خطوة مغايرة، وفيه دعوة للتسامح وإظهار مَواطن الاتفاق والتلاقي بين البشر، وهو من المحاولات السينمائية الجريئة والقليلة التي تظهِر المسلمين بطريقة مغايرة لما اعتادته الأفلام الأميركية.

وهو فيلم فيه دعوة للمحبة وانتصار الحب وتقبّل ثقافة الآخرين.. وهذه النوعية من الأفلام لها قيمة كبيرة وأثر أكبر على المجتمعات التي ترفض الآخر. وهنا لا نتحدث حصراً عن الزواج المختلط، بل عن تقبُّل الآخر المختلف، والتعرف عليه ورمي كل الصور النمطية التي رسختها المجتمعات التي تشبّعت بآراء المتعصبين الرافضين للاختلاف. هذا الفيلم من بطولة النجم الكوميدي «جونا هيل»، وهو كاتب ومنتج من أصول يهودية وقد شارك في كتابة الفيلم.

كما شارك فيه الفنان الكبير «إيدي ميرفي» الذي لا نراه غالباً في مثل هذه الأفلام، لكن يبدو أنه أُعجب بفكرة الفيلم أو ربما تلقَّى مبالغَ كبيرة، لكنه في النتيجة أضاف كثيراً للفيلم، من خلال عكسه بجدارةٍ صورةَ الرجل المسلم من أصول أفريقية. كما شارك معهما كوكبة من نجوم هوليود، مقدِّمينَ عملاً صعباً بطريقة سلسلة كوميدية ورومانسية في الوقت نفسه.

*كاتب إماراتي