UAE
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

تعزيز أمن الفضاء في حوار أبوظبي

خلال اليومين الماضيين، كنت مهتماً بمتابعة فعاليات أعمال النسخة الأولى من «حوار أبوظبي للفضاء»، والذي تنظمه وكالة الإمارات للفضاء بمشاركة وزارة الخارجية والتعاون الدولي ووزارة الدفاع، والذي حظي برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وشهد حضور سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، وسمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي رئيس مكتب أبوظبي التنفيذي، في مركز أدنوك للأعمال بمشاركة أكثر من 300 صانع قرار وممثل عن وكالات الفضاء ووزراء وشركات متخصصة عالمية من أكثر من 47 دولة.
لفت انتباهي أن حوار أبوظبي للفضاء، هو الحوار الأول من نوعه عالمياً في هذا المجال، وأنه يركز على «تعزيز أمن الفضاء»، وهذه ميزة فريدة لم تسبق الإشارة إليها ضمن أي حوار أو اجتماع عالمي، والذي يؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة لم تعد جاهزة فحسب لتكون ضمن قائمة الدول المتقدمة السبّاقة في مجال زيارة الفضاء واستكشافه، وبلورة تعاون دولي مثمر وبنّاء في قطاع الفضاء، بل تقدمت أكثر وأصبحت تفكر في «أمن الفضاء» ووضع استراتيجيات عالمية مبتكرة تسهم في تعزيز أمن الفضاء، لما يرتبط بشكل مباشر بتعزيز التنمية والتطور المستدام في قطاعات أخرى كثيرة.
بكل الأحوال، ومع وجود عوامل مشتركة بين ما يسمى بـ «أمن الفضاء الإلكتروني»، أو الأمن السيبراني، وبين «أمن الفضاء»، العام، إلا أن المصطلحين مختلفان في جوهر كل منهما، حيث ذهب «روس ج. أندرسون» في كتابه «هندسة الأمن: دليل لبناء نظم موزعة يمكن الاعتماد عليها» و«موري جاسر» في كتابه «بناء نظام لحاسوب آمن» إلى القول: إن الأمن السيبراني هو فرع من فروع التكنولوجيا المعروفة باسم أمن المعلومات يطبق على الحاسوب والشبكات بهدف حماية المعلومات والممتلكات من السرقة والفساد، أو الكوارث الطبيعية، لكنه يسمح للمعلومات والممتلكات أن تبقى آمنة في متناول مستخدميها المرخصين ومنع العبث بها أو تعرضها للانهيار أو الاختراق من قبل أشخاص أو أطراف غير جديرين بالثقة أو غير مرخص لهم، ويمكننا هنا تعريف الأمن السيبراني بأنه «علم وفن أمن المعلومات لحماية أجهزة الكمبيوتر والأجهزة التكنولوجية المختلفة من الاختراق أو سرقة المعلومات والبيانات الإلكترونية والذكية أو تعطيل الخدمات التي تقدمها، أو إتلاف البرامج التي تستخدمها، وإبقائها آمنة لمستخدميها الموثوقين».
أما «أمن الفضاء»، فحسب وجهة نظري، فهو مصطلح جديد لم يتبلور بعد بشكله النهائي، بسبب الالتباس مع «أمن الفضاء الإلكتروني»، ولعمل ذلك، لا بد من ربط مفهوم «الأمن» من حيث صلته بالفضاء، بحماية جميع الأنشطة التي يمكن القيام بها والتي تضمن الوصول الحر إلى الفضاء الخارجي واستخدامه لدعم المصالح الحيوية لدول العالم، وأن يكون لجميع الدول الحق في استكشاف واستخدام الفضاء للأغراض السلمية، ولصالح البشرية جمعاء وفقاً للقانون الدولي، من باب المصلحة المشتركة، وأنه يحق لجميع الدول المساعدة في منع الحوادث المؤسفة وتخفيف حدة انعدام الثقة في مجال الفضاء، خاصة في مجال أنظمة البنية التحتية الداعمة للفضاء، حيث تعتبر الولايات المتحدة مثلاً، إن أي انتهاك لتلك الأنظمة هو انتهاك لسيادتها وأمنها القومي.
لا يمكن اختزال «أمن الفضاء» في مقال أو كتاب، فبينما نعلم أن الصراع في الفضاء بين دول مثل أميركا والصين وروسيا، وغيرها قد بدأ بالظهور في أواسط القرن الماضي، وكان هناك نوع من المنافسة المحتدمة بينها، وجرى خلالها انتشار مجموعة كبيرة من المفاهيم الخاطئة، إلا أنه حالياً، ومع تطور ذلك النزاع، يتضح أن دول العالم أمام مسارين لا ثالث لهما، فإما تحويل ذلك الصراع ليصبح مثل «الصراع والتسلح النووي» أو مسار التعاون المطلق الذي يقوم على استراتيجيات عالمية تعزز من أمن الفضاء، قبل أن يتحول النزاع إلى نوع من التهديد الحقيقي على البشرية، لامتلاك جهات أو دول القدرة على تطوير أنظمة فضائية مضادة متحفزة لخوض «الحرب العالمية الأولى في الفضاء»!
أعتقد أن حوار أبوظبي للفضاء، أسهم وسيسهم بشكل كبير وفعّال، خلال المستقبل القريب، في صياغة مفاهيم كثيرة لتقريب وجهات النظر حول أمن الفضاء، وسبل تعزيزه واستدامته، بما يخدم البشرية جمعاء، وسيفتح الباب، على مصراعيه لتبادل الأفكار والآراء والملاحظات والخطط التي يمكنها أن تشكل النواة الأولى الصحيحة، لتنسيق التعاون الدولي، حول «أمن الفضاء»، ليس الحكومي أو شبه الحكومي فقط، بل الدول والشركات الراسخة والناشئة التي تعمل في مجال الفضاء.
* لواء ركن طيار متقاعد