جبر الضرر اللاحق بالأموال صيانة للملكية العامة والخاصة

إن الشريعة كما حرصت على حماية الأموال والتصرفات المرتبطة بها من أي ضرر متوقع، وذلك بوضع جملة من الشروط والأحكام الوقائية، حرصت أيضا على رفع كل ضرر واقع يلحق الأموال أو الأشخاص المتصرفين فيها، وذلك بجبره والتعويض عنه والعقاب عليه ولأجل ذلك شرع باب الضمان، وهو عند الفقهاء على نوعين، فمنه ما يجب بالتعدي ومنه ما يجب للمصلحة العامة وحفظ الأموال.

أما النوع الأول: فقد ذكر له الفقهاء ثلاثة أسباب هي اليد المعتدية كالغاصب والإتلاف، وذلك بمباشرة السبب الذي يقتضيه كإحراق الثوب وقتل الدابة وهدم المنزل وغيرها، أو التسبب للإتلاف بتنصيب سبب عدوانا فيحصل به الإتلاف، وذلك كأن يحفر بئرا في غير ملكه عدوانا حتى تقع فيه دابة فلان، أو ماشيته، أو يؤجج نارا في يوم ريح عاصف فتتعدى إلى إتلاف مال الغير.


والإتلاف بجميع أنواعه، سواء كان إتلافا له صورة ومعنى بإخراج الشيء عن كونه صالحا للانتفاع، أو معنى بإحداث معنى فيه يمنع من الانتفاع به مع قيامه بنفسه حقيقة، فكل ذلك يعدّ اعتداء وإضرارا في نظر الشريعة، يجب الضمان على المتسبب فيه.

ووجه جبر الضرر بالضمان هو أن إتلاف الشيء إخراج له من أن يكون منتفعا به منفعة مطلوبة منه عادة، وهذا فيه اعتداء وإضرار، ولما كان نفي الضرر من حيث الصورة متعذرا وجب نفيه من حيث المعنى بالضمان، ليقوم الضمان مقام المتلف فينتفي الضرر بالقدر الممكن.

ومن تمام حرص الشريعة على نفي كل ضرر عن الأموال بحسم مادته وقطع مسالكه، أن جعلت الخطأ في ضمان المتلفات كالعمد فيها، وبناء على هذا المعنى، قرر الفقهاء القاعدة الفقهية القائلة: (العمد والخطأ في ضمان المتلفات، سواء إذا كان المتلف مميزا بالفعل)، لأن الضمان مرتب على نفس الفعل، سواء قصد فاعله أو لم يقصد.

وما أوجبته الشريعة من تضمين المخطئ والناسي والمكره لما أتلفوه ليس عقوبة لهم؛ لأن الضمان ليس تابعا للمخالفة وكسب العباد، بل شرع لتدارك المصالح الفائتة أو جبرها ومنع الناس من إتلاف مال بعضهم بعضا، بحجة الخطأ والنسيان والإكراه وغير ذلك.

وتحدث ابن القيم عن سبب تضمين المخطئ كالمتعمد وعدم مؤاخذاته بالإثم، فقال: (والخطأ والعمد اشتركا في الإتلاف الذي هو علة الضمان وافترقا في علة الإثم، وهو منتهى العدل الذي لا تتم المصلحة إلا به). ولما كان تشريع الضمان مبنيا على إقامة حفظ المال ونفي الضرر عنه، كان الإنسان ممنوعا من أن يجاوز به قدر ما يناسب الشيء المضمون؛ لأن أي تجاوز يعدّ خرما لمقصد حفظ المال من حيث أريد إقامته به، ولذلك ربط الفقهاء الضمان بمقدار الفساد اللاحق بالأعيان والمنافع.

ويندرج تحت هذا الباب ما قاله ابن القاسم: (في البقرة والشاة والدابة تدخل في الليل زرعا فتفسد فيه ما هو أكثر من قيمتها أضعافا أن ذلك على أربابها؛ لأن عليهم حفظها، فكانوا كأنهم أرسلوها عليهم حين لم يحفظوها بالليل، كما أمر في الحديث: (أن على أصحاب الحوائط حفظها بالنهار، وأن على أهل المواشي ما أفسدت بالليل). ومن تمام عدل الشريعة في هذا الباب أنها كما حفظت أموال المسلمين، حفظت أموال الذميين وأوجبت الضمان على من أتلفها من المسلمين، حتى ولو كان المتلف مما لا يجوز امتلاكه في شريعتنا، قال ابن حارث الخشني: (من تعدى على ذمي فكسر له خمرا أو قتل له خنزيرا، وجب عليه قيمة ذلك).

وأما النوع الثاني: وهو ما يجب للمصلحة العامة وحفظ الأموال، ويقع هذا النوع من الضمان برضا الداخل في الالتزام الذي يترتب عليه ذلك الضمان، ويندرج تحت هذا المعنى تضمين الصناع، لأن الأصل في الصناع أن لا ضمان عليهم، وأنهم مؤتمنون لأنهم أجراء، ولا خلاف بين الأئمة أن الأجير ليس بضامن ما هلك عنده مما استؤجر عليه إلا أن يتعدى.

إلا أن مالكا وأصحابه قد ضمنوهم نظرا واجتهادا، قالوا: إن الصناع ضامنون ما استصنعوا فيه إذا نصبوا أنفسهم لذلك، سواء عملوا ذلك بأجرة أو بغير أجرة، ولا يقبل منهم دعوى التلف بحال إلا إذا قامت لهم على ذلك بيّنة، فيسقط عنهم التضمين. وأما ما استعملوا فيه ولم ينقلوه إلى مواضعهم بحيث يغيبون عنه، فلا ضمان عليهم فيه، وكذلك الصانع الخاص الذي لم ينصّب نفسه للعمل لا ضمان عليه أيضا فيما استعمل فيه، سواء أسلم إليه أو عمله في منزل ربه. وقال مالك: (وإذا اشترط الصانع أن لا ضمان عليه لم ينفعه شرطه وكان عليه الضمان).

وإضافة إلى تضمين الصناع، قالوا بتضمين حامل الطعام والإدام على كل حال، ولو لم يكن منه غرر ولا تفريط إذا لم تقم له بيّنة على تلفه، مع أن الأصل عدم الضمان على الأجير على الحمل إلا أن يتعدى أو يفرط، وعللوا هذا الحكم بمسيس حاجة الناس إلى الطعام وضرورتهم إليه، ولو ترك حاملوه من غير تضمين لتسارعوا إلى أخذه، إذ لا بدل عليهم فيه، فيؤدي ذلك إلى امتناع الناس من الحمل معهم وتدخل المضرة على الفريقين فيضمنوا دفعا لها.

والذي تبيّن لي من خلال المسائل السابقة أن الذي أدى بالإمام مالك وأصحابه إلى الحكم بتضمين الصناع واستثنائهم من الأصل المندرجين تحته، هو إقامة مقصد الشريعة في حفظ الأموال وإبعادها عن الضرر، وتحقيق المصلحة العامة المبنية على رعاية ضرورة الناس ومسيس حاجتهم لاستصناع أموالهم لدى الصناع المنتصبين لذلك، وألحق العلماء من بعدهم كل من شارك الصناع في المعنى من الأجراء، فحكموا بتضمينهم كحامل الطعام والسمسار، وأدخل الفقهاء في هذا النوع من الضمان المرتهن والمستعير فيما يغاب عليه والكفيل إذا قبض الدين من صاحبه على وجه الاقتضاء.

*مدير تحرير مجلة “آفاق الثّقافة والتّراث”


Football news:

<!DOCTYPE html>
Kane on Tuchel: A wonderful man, full of ideas. Thomas in person says what he thinks
Zarema about Kuziaev's 350,000 euros a year in Le Havre: Translate it into rubles - it's not that little. It is commendable that he left
Aleksandr Mostovoy on Wendel: Two months of walking around in the middle of nowhere and then coming back and dragging the team - that's top level
Sheffield United have bought Euro U21 champion Archer from Aston Villa for £18.5million
Alexander Medvedev on SKA: Without Gazprom, there would be no Zenit titles. There is a winning wave in the city. The next victory in the Gagarin Cup will be in the spring
Smolnikov ended his career at the age of 35. He became the Russian champion three times with Zenit

22:08 آخر السياسيين المحترمين في فرنسا
22:04 جزائريون مع مقاطعة الشركات الداعمة للكيان الصهيوني
8:28 "لنقضي على الانتهازيين".. شعار حملة لمقاطعة لحم الدجاج
23:55 حريق متعمّد بمسجد في السويد
23:47 ضوابط رفع الحرج في الشريعة الإسلامية
12:46 الفريق أول شنقريحة: يستقبل وزير الدفاع الإيطالي
11:43 الدينار عملة المبادلات التجارية بين الجزائر وروسيا
9:06 100 قتيل وعشرات الإصابات في حفل زفاف بالعراق
8:33 نحو تجسيد مشاريع 15 محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية
20:26 مؤشرات الاقتصاد الكلي باللون الأخضر
23:13 الغفلة.. علاماتها وأحوال الغافلين
23:10 حق المعلم على المتعلم
23:07 جامعة جورجتاون قطر تستكشف جذور ظاهرة الإسلاموفوبيا وانتشارها عالميًا
21:22 الرباط تضيّق على الإعلام الفرنسي وتهاجم الرئيس ماكرون
9:00 إعفاء المواطنين من تقديم وثائق إدارية في الإدارات العمومية
20:40 في عز النكبة.. محمد السادس يعود إلى عطلته
6:42 استئناف عمليات توزيع سكنات "عدل2 "
23:33 مدينة بريطانية تعلن الافلاس
23:27 نصائح لإطالة عمر بطارية الآيفون
8:16 البليدة: إخماد حريق أتى على 200 طاولة عرض
0:08 كل شيء عن توظيف الأساتذة بصفة متعاقدين
8:34 المدية: باهي خالد يجري عملية جراحية ناجحة
21:15 "واشنطن تصطف بقوة مع العملية السياسية الأممية في الصحراء الغربية"
16:14 بوادر ميلاد تحالف أمني جديد في الساحل
8:39 حادثة إطلاق النار على قاضي: خطوة ثانية لنقابة القضاة
8:43 أسعار النفط في منحى تنازلي
23:26 تمرين أفضل من السباحة لمرضى ضغط الدم!
23:22 خطوات تحضير الزبادي في المنزل
8:52 الجلفة: مواطنون يقطعون الطريق احتجاجا عن انقطاع الماء
17:47 إحباط أكبر عمليات تهريب مادة الكوكايين في تاريخ الجزائر
17:24 وزير الداخلية ببجاية لتقديم التعازي لـ17 عائلة من ضحايا الحرائق
9:23 المحيط الأطلسي يسجل رقما قياسيا في درجات الحرارة
9:30 القمة الإفريقية الروسية: من أجل نظام عالمي متعدد الأقطاب
9:06 رئاسة ''الفاف".. اسم جديد يدخل المعترك
8:49 وأج: فرانس 24.. القناة الحثالة
23:41 اليونسكو تحذر من تبعات استخدام التكنولوجيا في المدارس
23:27 اكتشاف فائدة جديدة لزيت الزيتون
0:28 تيك توك تطلق خاصية جديدة لمنافسة تويتر
0:16 الرضاعة الطبيعية تحمي الأمهات من مرض السكري
9:22 زلزال جديد بقوة 5.5 درجات يضرب وسط تركيا
15:27 الجزائر تستدعي سفيرة الدنمارك
14:33 استشهاد 10 عسكريين في حرائق بجاية
9:01 العاصمة: انقطاع الماء بهذه البلديات
8:24 موجة حر تصل إلى 48 درجة
23:40 سبل الوقاية من الزهايمر وباركنسون
23:24 غوغل تختبر أداة تعمل بالذكاء الاصطناعي لمساعدة الصحفيين
23:48 وجوب أداء الأمانة واجتناب الخيانة
23:45 هجرة الرّسول صلى الله عليه وسلم
23:38 مسلمو فنلندا يطالبون بوقف العنصرية
8:37 التونة الحمراء: الجزائر تصطاد كامل حصتها السنوية
9:24 موجة حر تصل إلى 49 درجة
8:40 وزير الداخلية: مخطط استراتيجي لإعادة تأهيل العاصمة
21:51 احتياطي الصرف إلى هذا المستوى
9:28 سفارة الجزائر بسويسرا تسترجع بندقية تعود إلى القرن التاسع عشر
23:58 المناسبات الدينية بين مقصد الوحدة ومسار التفريق
23:55 جبر الضرر اللاحق بالأموال صيانة للملكية العامة والخاصة
23:52 الاحتـلال يُبعـد 877 مقدسيــا عن الأقصــى
22:06 الجزائر الجديدة فيها نوفمبر كان وها هو يعود وسيبقى
20:42 اجتماع طارئ بعد مقتل تونسي خلال اشتباكات مع مهاجرين
23:30 اكتشاف خطر جديد للتدخين السلبي على الأطفال
23:23 أسباب ترفع درجة حرارة هاتفك الذكي
23:19 المؤمن بين الخوف والرجاء!
23:18 المجلس السويدي للإفتاء يطالب بمحاسبة المتطرف حارق القرآن
23:15 دعوات للتصدّي لاعتداءات الاحتلال في الأقصى
8:02 ليلة ساخنة جديدة بفرنسا
9:44 إخماد الحرائق بغابة "سبكتور"
9:38 زيتوني يتفقد التزام التجار بنظام المناوبة
8:53 توقيف 150 محتجا وماكرون يرأس اجتماع أزمة
9:20 هذا هو عدد الحجاج هذا العام
9:26 أسعار النفط ترتفع بدعم من الأزمة الروسية
8:35 ضيوف الرحمن يتوافدون إلى صعيد عرفات لأداء ركن الحج الأعظم
23:19 النفحات الروحانية للعشر من ذي الحجة
23:17 ”علماء فلسطين” تدعو لدعم عربي في مواجهة جرائم الاحتلال
23:13 ندوة حول علم الفلك وحساب المواقيت الشرعية
8:58 هذا هو مصير بريغوجين وقوات فاغنر
23:55 جيمس كاميرون: انفجار الغواصة تيتان لم يكن مفاجأة
23:48 تحديثان جديدان من واتساب لمزيد من الخصوصية للمستخدمين
9:20 الجزائر تدين الاعتداءات الهمجية للمستوطنين الصهاينة ضد الفلسطينيين
14:14 إقتناء الأضحية أو شراء اللحوم.. أحلاهما مر
22:06 هذا هو جديد تسويق سيارات "فيات"
20:35 ساسة باريس يختارون التأزيم مع الجزائر
0:06 القيلولة تساعد في الحفاظ على صحة الدماغ
23:19 الجزائر تدين اقتحام إقامة سفيرها بالخرطوم
23:13 وزارة الخارجية تنفي إشاعات بشأن السفير الإماراتي بالجزائر
9:02 رحيل بلمو الذي مهد طريق عالمية أغنية "الراي"
8:41 الاستمرار في موجة الحر في هذه الولايات
8:41 موجة حر مرتقبة غدا بعدد من ولايات شرق
7:29 باريس تخلق مشكلا جديدا مع الجزائر
4:55 4 آلاف زائر منتظر للصالون الدولي للصيدلة
4:55 6 آلاف زائر منتظر للصالون الدولي للصيدلة
9:52 القضاء التونسي يمنع الإعلام من النشر حول "التآمر على الدولة"
9:46 ورقلة: لقاء موسع مع فعاليات المجتمع المدني
9:12 موعد تحري رؤية هلال شهر ذي الحجة
0:06 مكملات تساعد على خفض ضغط الدم
23:56 “ميتا” تعلن عن نموذج جديد للذكاء الاصطناعي
23:25 أسس الاقتصاد الإسلامي منع الغش والتدليس والنجش
9:14 انطلاق موسم الحصاد بالجلفة
23:41 أيها الحاج انتبه.. الذّكر روح الحجّ ومقصده
23:39 دراسة رسمية: 10% من الفرنسيين مسلمون
23:32 تحذير من مخاطر دعوات ومشاريع تقسيم الأقصى