Egypt
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

طباخ الملك.. الراحل الحسن الثاني كان شغوفا بلحم الضأن مشويا في الفرن التقليدي المغربي

عمل الحاج مصطفى النكير في مطبخ القصر الملكي بالعاصمة المغربية الرباط على مدار أكثر من 20 عاما، حيث كان يطهو أحد الأطباق المفضلة لدى الملك الراحل الحسن الثاني، وهو طبق لحم الضأن المشوي.

النكير، ابن مدينة مراكش، تعلّم الطبخ، وعلى وجه الخصوص شواء اللحم، من أجداده الذين توارثوا المهنة أبا عن جد حتى برعوا فيها وأصبحوا يتقنونها وصاروا يُعدون أكثر الطهاة إتقانا لشواء لحم الضأن في مراكش.

ويحكي النكير، المراكشي حتى النخاع، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) أن دخوله القصر الملكي كان عن طريق احتفالية نظمها القصر بمراكش، حيث أراد الملك الراحل نقل أجواء ساحة جامع الفنا الشهيرة في المدينة بأغلب تفاصيلها إلى القصر بغية جعل ضيوفه يستمتعون بأجواء الساحة داخل القصر. وقال "الملك الراحل الحسن الثاني كان يزور مدينة مراكش ويقيم فيها أربعة أشهر في السنة، وفي أواخر السبعينيات أقام حفلا في القصر الملكي، كان عبارة عن نسخ لأجواء ساحة جامع الفنا الشهيرة بمراكش وتقليد مثلها بالقصر، وأقام بها دكاكين تقدم جميع أنواع الأكلات التي تقدم بالساحة".

ومن المعروف أن ساحة جامع الفنا واحدة من أكبر الساحات في مراكش وتشتهر بحيويتها وتُعتبر وجهة سياحية رئيسية بالمدينة، حيث يتوافد عليها السياح الأجانب والمحليون على حد سواء للاستمتاع بأجواء العروض التقليدية المغربية. وتحيط بساحة جامع الفنا العديد من المقاهي والمطاعم والأسواق، مما يجعلها مكانا مثاليا للاسترخاء والاستمتاع بمشروب أو وجبة في الهواء الطلق.

ويمكن للزوار الاستمتاع بالمشاهدة الحية للفنانين المحليين الذين يؤدون الموسيقى التقليدية والرقص والتمثيليات الشعبية. كما تحتضن الساحة مجموعة من الأنشطة الثقافية والفعاليات الاجتماعية، مثل معارض الفنون والمهرجانات الثقافية.

* ساحة جامع الفنا داخل القصر

وذكر النكير أن الأمر كان بمثابة إقامة دكاكين لمختلف الأطعمة الشعبية والأنشطة الفلكلورية وغيرها من الفنون التي تقام بالساحة في القصر الملكي، تماما كأجواء ساحة جامع الفنا الحقيقية التي توجد خارج أسوار القصر، مشيرا إلى أنه كان بين من تم اختيارهم للمشاركة في الحفل ولم يكن عمره يتجاوز آنذاك 26 عاما. وتابع أن القصر خصص له دكانا لعرض طريقة طهيه للحم الضأن بالطريقة التي يقدمه بها كعادته في دكانه خارج أسوار القصر.

وعند تجوال الملك الراحل بين الدكاكين، مر عليه وتذوق من لحم الخروف المشوي وأعجب بطعمه وطريقة طهيه.

ويتم اختيار الطباخ الملكي عادة بعناية بناء على المهارة والخبرة في تحضير الأطباق المغربية الفاخرة والتقليدية ويعمل الطباخ في القصر الملكي بتعاون مع فريق من الطهاة والمساعدين لتلبية احتياجات الملك من الأطباق.

وقال النكير إنه فوجئ بعد انتهاء الحفل باستدعائه من قبل القصر الملكي في الرباط للعمل في المطبخ التقليدي للقصر الملكي بالعاصمة، حيث تخصص في طهي لحم الخروف لضيوف الملك في العديد من المناسبات واللقاءات التي تقام بالقصر وحتى خلال تنظيم المؤتمرات المحلية والدولية التي كان يشرف عليها الملك الراحل.

وإلى جانب تحضير لحم الخروف المشوي بالطريقة التقليدية، كان الرجل يحضر أيضا أطباقا أخرى شبيهة به، وهي أطباق رؤوس الغنم المبخرة و(الطنجية المراكشية) باعتبارها من الأكلات الشعبية الشهيرة بالمدينة، وهي عبارة عن قطع لحم مختارة بعناية توضع في قدر طيني وتُدخل إلى الفرن بعد أن تضاف إليها بعض التوابل الخاصة.

وكشف النكير (73 عاما) عن أنه خلال عمله كطباخ للملك الراحل الحسن الثاني أتيحت له الفرصة لمرافقة الملك في العديد من التنقلات داخل المغرب وفي الخارج؛ ويقول إنه رافق الملك إلى كل من الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية والغابون.

وأضاف "قمت بإنشاء فرن تقليدي بشروط معينة في مطبخ القصر الملكي بالرباط مشابه للفرن التقليدي... وكان الراحل محبا لطبق الخروف المشوي في الفرن التقليدي الذي أحضره".

وأشار إلى أن السر في لذة أطباقه هو اعتماده على الطرق التقليدية في الطهي وعدم إدخال أي تقنيات حديثة، وكذلك إدخال لحم الضأن الفرن دون تتبيله حتى يطهى بشكل طبيعي، وهذا ما اعتبره طباخ الملك من أسرار براعته في هذا النوع من الأطباق. ويتميز مطبخ القصر الملكي المغربي بتنوع المأكولات المغربية التقليدية الفاخرة ويركز على استخدام المكونات المحلية الموسمية والطرق التقليدية في الطهي.

* فخر ومسؤولية

وأكد الرجل أنه طيلة اشتغاله كطباخ متخصص في شواء لحم الضأن بالقصر الملكي كان يحس بعظم المسؤولية التي يحملها على عاتقه، مضيفا "ليس سهلا أن تطبخ للملك الحسن الثاني".

وفي الوقت ذاته، فإنه يعتبر ذلك بمثابة فخر كبير له، وكان حريصا على أن يطهو اللحم بالطريقة التي عهدها الملك ويفضلها. ويعتبر الحساء والطاجين والكسكس وشربة الحريرة المغربية، من أبرز الأطباق التي تقدم في مطبخ القصر الملكي المغربي.

ويتم تقديم الحساء كطبق ترحيبي قبل الوجبة الرئيسية ويتوفر بعدة نكهات، أما الطاجين، فيتم تحضيره بمكونات مختلفة مثل الدجاج أو الحمام أو اللحم والخضروات الطازجة.

ومن الأطباق الجانبية المعروفة والمعتمدة في القصر، هناك البسطيلة والمشويات ومجموعة من السلاطات المختلفة. وبالنسبة للحلويات، يتم تقديم تشكيلة كبيرة من الحلويات التقليدية المغربية مثل الشباكية والغريبة، والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من الطعام المغربي. وتحدث طباخ الملك عن أن مطبخ القصر يعمل وفقا لبرامج يومية محددة، بحيث يُخصَّص كل يوم لأطباق معينة؛ وكان دور النكير في إعداد لحم الشأن المشوي حسب البرنامج المخصص وحسب طبيعة المناسبات والضيوف أيضا.

ويتذكر النكير أن الملك الحسن الثاني نبه عليه ذات مرة بعدم استخدام سكين أو أي أداة حادة مشابهة لتقطيع لحم الضأن أمام الضيوف، وطلب منه أن يُقطّع اللحم مسبقا في المطبخ إلى قطع صغيرة ويُقدم بعدها، "حرصا منه على الإتيكيت أمام الضيوف وحتى يسهل الأمر على من يقدم اللحم في الأطباق".

وشدد الرجل على أهمية الإخلاص في العمل، مضيفا "إخلاصي لعملي كطباخ هو سبب نجاحي وسبب اختياري لأكون طباخا للملك بالقصر، والخطأ في هذه الظروف غير مسموح بتاتا".

الحاج مصطفى النكير يعمل حاليا في مطعمه الخاص بمدينة مراكش والكائن بسوق أبلوح بالمدينة، وهو المطعم الذي ورثه عن أجداده الذين تخصصوا في شواء اللحوم منذ ما يقرب من 120 عاما.