Palestinian Territory
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

ضبية.. المخيم المنسي

بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام

لكل مخيمٍ فلسطيني في لبنان حكاية ألم ووجع، إلا أن جميع اللاجئين يشتركون في معاناة اللجوء والتهجير، وأمل العودة والتحرير.

قصتنا اليوم عن مخيم ضبية الذي يُسمى بالمخيم المنسي، والذي أنشئ في الخمسينيات، على أرض وقف تتبع للرهبنة اللبنانية المارونية، على مساحة تقدر بنصف كيلومتر مربع، بهدف إيواء اللاجئين الفلسطينيين الذين جاؤوا من منطقة الجليل في شمال فلسطين.

وهو يقع في بلدة ضبيّة على ساحل قضاء المتن الشمالي التابع لمحافظة جبل لبنان، إلى الشمال من مدينة بيروت، فوق تلّة تطلّ على الطريق السريع الواصل بين العاصمة اللبنانية ومدينة طرابلس شماليّ البلاد.

لا حواجز عسكرية أو مظاهر مسلحة، ولا حتى شعارات أو أعلام أو صور قادة المسيرة الفلسطينية، على مدخل المخيم، وهو ما بدا مختلفًا عن بقية المخيمات في لبنان.

وبسبب موقعه الاستراتيجي، عانى المخيّم من جرّاء أعمال عنف كثيرة، كذلك تعرّض جزء كبير منه للدمار في خلال الحرب الأهلية في لبنان (1975 – 1990)، الأمر الذي أدّى إلى تهجير أكثر عن 100 عائلة من اللاجئين الفلسطينيين المسيحيين.

ويشكو سكان مخيّم ضبيّة صعوبات اقتصادية شديدة، كغيرهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيّمات لبنان، إذ أن كثيرين هم الشبان العاطلون من العمل. يأتي ذلك وسط غياب شبه تام لخدمات وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

ويعبّر واقع المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان عن حقيقة مؤلمة تتراكم فيها المعاناة على مدار عقود من الإهمال والتهميش تجعل حياة اللاجئين الفلسطينيين في حالة استنزاف دائم لبناهم الاجتماعية والاقتصادية.

موقع وذاكرة

يبعد مخيم ضبية حوالي 12 كلم شمال شرق بيروت، ويغلب على سكانه الديانة المسيحية، وحسب وكالة أونروا يقطن فيه 4 آلاف فلسطيني، وتعرض المخيم خلال الحرب اللبنانية الأهلية إلى الكثير من الدمار الذي تسبب بسقوط أكثر من 75 ضحية في العام 1976، وقد تكرر السيناريو ذاته في العام 1990 حيث تعرض ما يقارب نصف منازل المخيم للدمار مما أدى إلى تهجير أكثر من 100 عائلة مقيمة فيه.

يقول اللاجئ يوسف القاطن في المخيم إن اللاجئين يعانون الأمرين داخل المخيم، فالوضع قاس وصعب على اللبناني، فكيف الفلسطيني.

ويشتكي يوسف في حديثه لمراسلنا من شدة الحر في الصيف، حيث منزله مغطى بالصفيح، وغياب التيار الكهربائي لساعات طويلة، إضافة للشتاء حيث المياه التي تتسرب إلى داخل المنزل.

ووفق تقارير فإنه وخلال الخمسينات، منح عدد من أهالي المخيم الجنسية اللبنانية، لكن ذلك لم يمنع تدمير نصف المخيم، وتهجير عدد من سكانه إلى مناطق في بيروت ودول خارج لبنان.

يسكن اليوم في المخيّم نحو 2000 شخص اليوم من الجنسيتَين اللبنانيّة والفلسطينيّة، إضافة إلى وجود أقليّة سوريّة (نحو 40 عائلة)، اتخذته مقراً لها بعد الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011.

ويعبّر واقع المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان عن حقيقة مؤلمة تتراكم فيها المعاناة على مدار عقود من الإهمال والتهميش تجعل حياة اللاجئين الفلسطينيين في حالة استنزاف دائم لبناهم الاجتماعية والاقتصادية.

إشكاليات ومعاناة

يقول مسؤول اللجنة الشعبية في المخيم وسام رفيق قسيس إن المخيم يعاني من بعض الإشكاليات، بدءًا باحتلال بعض المنظمات للمدرسة الوحيدة عندهم، ووصل مياه ملوثة إلى المنازل، حيث لا تصلح للشرب أو أي استخدام.

ويطالب أونروا بالتدخل لتحديث عيادتها المتواجدة، كشراء آلة تخطيط قلب، وإنشاء مختبر، كي لا يضطر اللاجئون إلى الذهاب إلى بيروت ما يكلفهم عناءً وتعبًا ومصاريف إضافية، يعجز المعظم عنها، كما أن المخيم يفتقد لوجود سيارة إسعاف.

وكباقي المخيمات الفلسطينية في لبنان فإن اشتراك “ماتور الكهرباء” يكلف العائلة الواحدة ما يقارب الـ100 دولار أمريكي، ويضطر الأهالي لشراء المياه الصالحة للشرب، مع إنعدام المساعدات الدولية المقدمة لأهالي المخيم، في ظل أوضاع اقتصادية خانقة.

قسيس يقول: بعض الأحزاب وفي مقدمتها القوات اللبنانية تستقطب بعض الشبان، ما يجعلهم يتناسون قضيتهم، وهذا الأمر مزعج ليس فقط لتاريخه السياسي وإنما احترامًا للبنان البلد المضيف وتمسكا بالهوية الفلسطينية، مؤكدا أن الفلسطيني في المخيمات هو ضيف في هذه الأرض، وسيأتي يوم العودة.

ولعل أكبر المخاوف هي انتهاء عقد الإيجار بين “أونروا” ودير مار يوسف، الأمر الذي يقلق مستقبلهم، وإمكانية ترحيلهم من المخيم.

لاجئون في المخيم أكدوا أن عدم وجود مدرسة في المخيم أمر مقلق، لأن أبنائهم يضطرون إلى الذهاب إلى المدراس الخاصة الباهظة التكاليف، في حين تتذرع “أونروا” بأن أعداد الطلبة أقل من العدد المطلوب، لفتح مدرسة بالمخيم.

ويُعد حصول نسبة كبيرة من سكان المخيم على الجنسية اللبنانية مشكلة كبيرة، لأنهم واقعين بين كفي كماشة؛ فالدولة اللبنانية تعاملهم على أنهم مواطنون من الدرجة الثانية ولا تشملهم التغطية بالنسب المعتادة لمختلف اللبنانين، وأونروا التي لا تعاملهم على أساس أنهم فلسطينيين، وبالتالي هم لا يستفيدون بالشكل المطلوب لا من الدولة ولا من أونروا.