Morocco
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

مؤلف يسرد "مذكرات صحافي بريطاني" في عهد المولى عبد الحفيظ

صدَر عن دار “أكورا للنشر والتوزيع” بطنجة كتاب جديد للصحافي والكاتب والمترجم يونس جنوحي، حمل عنوان “مع المولى عبد الحفيظ في فاس: مذكرات صحافي بريطاني في المغرب”، ويحكي تجربة الصحافي البريطاني لاورنس هاريس الذي التقى السلطان عبد الحفيظ بن الحسن العلوي مباشرة بعد جلوسه على العرش.

ولاورنس هاريس (Lawrence HARRIS) صحافي بريطاني اشتغل مراسلا لصحف عديدة في بريطانيا خلال بداية القرن العشرين، وزار دولا عربية كثيرة في الشرق، وله أيضا زيارة سابقة للمغرب خلال فترة حكم المولى الحسن الأول، أي قبل سنة 1894، في إطار رحلاته الاستكشافية.

لكن هاريس لم يسبق له أبدا الكتابة عن المغرب إلا عندما كلف رسميا بإجراء أول حوار صحافي مع المولى عبد الحفيظ مباشرة بعد وصول أخبار إلى لندن عن وجود سلطان جديد في المغرب في طريقه إلى قصر فاس. وتتضارب الروايات بشأن نهايته؛ غير أن أقاربه، اليوم، يؤكدون أنه كان مغامرا وكاتبا عن رحلاته التي لم تتوقف إلا بعد أن نال منه المرض في آخر أيام حياته.

وفي تقديمه للكتاب، قال المترجم يونس جنوحي إن “شخصية الصحافي لاورنس هاريس تستحق فعلا أن نقف عندها.. بالنسبة لي، الرجل فص ملح وذاب. يكتب بلغة تغلب عليها “طباع” الصحافي وميله للمغامرة”، لافتا إلى أن “أقوى ما في تجربة لاورنس هاريس هو أنه التقى سلطان المغرب والوزراء وأثرياء فاس الكبار؛ لكنه في الوقت نفسه جلس مع الفقراء وتعرّف على مغاربة الهامش؛ مغاربة الأبيض والأسود، الذين ارتأيت أن أهدي هذه الترجمة إلى أرواحهم”.

وأضاف جنوحي: “أهمية هذه المذكرات لا تكمن وحسب في كونها تسجل تجربة أول صحافي بريطاني حاور المولى عبد الحفيظ بعد جلوسه على العرش؛ بل لأنها تسجل تجربة صحافي في المغرب، تحدث عن الوزراء المغاربة وعلية القوم وأثرياء طنجة وفاس وشخصيات أجنبية عاشت فيها”.

واستطرد: “كما تحدث أيضا عن “المغاربة”؛ مرافقيه الذين استأجرهم لكي يسافر من طنجة إلى فاس حتى يتسنى له إنجاز المهمة الصحافية التي جاء من أجلها إلى المغرب”. وزاد بالشرح: “تعريب هذه المذكرات يشبه كثيرا السير فوق الألغام، فالأمر يتعلق هنا بانطباعات صحافي متمرس، استطاع في فترة قصيرة التغلغل داخل المغرب، في وقت كان فيه الأجانب يفضلون الاحتماء في الفنادق والبقاء بعيدا عن مناطق السيبة”.

وتابع: “هذه المذكرات تعود إلى الحياة إذن، باللغة العربية بعد أن “ماتت” منذ أكثر من قرن على رفوف أرشيف جامعة كاليفورنيا، حيث توجد نسخة منها. تجربة ترجمة مغامرات الصحافي لاورنس هاريس لم تكن تخلو من صعوبات؛ فقد كتبت بإنجليزية رصينة ووظفت فيها عبارات صارت “منقرضة” في لغة اليوم، إلا أن حمولتها كانت قوية، عنيفة، ومزعجة أحيانا”.

وأردف المترجم: “اعتقد عدد من الأصدقاء، بينهم باحثون وأكاديميون، أن الأمر يتعلق بمذكرات “ما” للصحافي الشهير والتر هاريس؛ لكن، في الحقيقة، الأمر هنا يتعلق بصحافي آخر لا يقل أهمية، وربما لو اختار أن يبقى في المغرب مع المولى عبد الحفيظ الذي عرض عليه منصبا استشاريا لكان له شأن آخر، لكنه فضل المغادرة بعد عيد الأضحى، حاملا معه تجربة إنسانية وسياسية وتاريخية وثقها في هذا الكتاب بعد أن عاد إلى لندن”.

“مع المولى عبد الحفيظ في فاس” يتطرق لفترة حالكة من تاريخ المغرب، لأن لاورنس هاريس يقدم في هذا الكتاب معلومات غير مسبوقة بخصوص المفاوضات التي أدت إلى توقيع عقد الحماية سنة 1912، يضيف الكاتب، الذي اعتبر بأن “الكتاب أيضا، صورة متحركة، من زمن غلب على لغته الجمود، ونقل لمشاهدات حافلة بالحياة، توثق لأحداث بصمت تاريخ المغرب”.

هكذا، استطاع لاورنس هاريس النفاذ إلى شخصية الإنسان المغربي قبل مائة سنة، لينقل تصوراته للمنافسة الاستعمارية على المغرب بين فرنسا وألمانيا وبريطانيا، التقى الرعاة والمغاربة البسطاء، وجالس الأغنياء وكبار التجارة، وزاوج بين معرفتين مغربيتين متناقضتين، بتعبير المترجم.

جدير بالذكر أن هذه المذكرات صدرت مسلسلة في حلقات سنة 2013 بجريدة “الأخبار”، حيث قُسم الكتاب الأصلي لكي يناسب توزيع الحلقات المنشورة التي وصل عددها إلى 31 حلقة، وهو ما جعل الكاتب يضع تقسيما جديدا للكتاب الأصلي حفاظا على “التشويق”، وهو العنصر الأساسي في “بهارات” العمل الصحافي، حيث وضع جانبا التقسيم الأصلي الذي قسم الكتاب إلى 15 فصلا، لا تتعارض عناوينها الفرعية أبدا مع العناوين التي اقترحها للحلقات.

ويونس جنوحي يشتغل منذ 2012 صحافيا في جريدة “الأخبار”، وهو حاصل على الإجازة الجامعية في “الدراسات الإنجليزية” و”التحرير الصحافي”، حيث سبق له أن ترجم العديد من الأعمال باللغتين الإنجليزية والفرنسية عن المغرب إلى اللغة العربية، في سلسلة “كتب منقرضة عن المغرب”، حيث ترجم أقوى مضامين مذكرات قناصلة وصحافيين ومغامرين ومغامرات أجانب سبق لهم زيارة المغرب خلال القرنين التاسع عشر والعشرين.