UAE
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

«أبوظبي للكتاب».. الثقافة والمنتديات

«أبوظبي للكتاب».. الثقافة والمنتديات

في معرض أبوظبي الدولي للكتاب كانت تركيا الضيف المحتفى به، كما كان ابن خلدون شخصية العام. والذي أقصده بهذا التقديم أنّ المعرض لا يعرض جديداً في الكتب المؤلفة والمترجمة فقط، بل يعرض أيضاً نشاطات لمؤسسات ثقافية من إمارة أبوظبي ومن باقي إمارات الدولة الأُخرى، كما تقوم في جنباته مؤسساتٌ ثقافيةٌ واستراتيجيةٌ بتنظيم ندوات واستقدام شخصياتٍ للمحاضرة. نشط الأتراك كثيراً، واصطحبوا معهم مثقفين وإعلاميين يعرفون العربية والإنجليزية. 
أول أمس  زار سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ 32. تم الإعلان أمس عن تخصيص 10 ملايين درهم لدعم المكتبة المدرسية بمراجع من معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

وقد تنبهتُ للمرة الأولى إلى أنّ تركيا أيضاً صارت تَصدرُ فيها كتبٌ عربية كثيرة، وهي نوعان: كتب تراثية يحققها وينشرها أساتذة جامعات بينهم أتراك وعرب، وكتب هي نتاج الهجرة العربية الكثيفة إلى تركيا، وغالبية هذا النوع من الكتب روايات وذكريات أو سِيَّرٌ شخصيةٌ أو مشاركاتٌ في التجربة العربية التركية التاريخية والحاضرة.

وقد كنت أطمح إلى أن تكون هناك بحوث واستطلاعات بشأن الصِلات الثقافية بين الأمتين، العربية والتركية، في التاريخ والحاضر.. وقد حدث شيء من ذلك. اختصّوا ابن خلدون بالاحتفاء هذا العام، وفي العام الماضي كانوا قد احتفوا بطه حسين النهضوي، وعملوا على نشر مؤلفاته من جديد.

وأنا أرى بالطبع أن ابن خلدون يستحق التقدير في الاستكشاف أو التقويم النقدي، وهو الذي فاقت الأعمالُ عنه باللغات العالمية المعاصرة خلال قرن الثلاثة آلاف عمل بحثي. حاضرْنا جميعاً عن ابن خلدون وقدّم بعضُنا جديداً نسْبياً حوله. إنما لولا التخطيط لإحضار الأستاذ إبراهيم شبوح، لما أمكن عرض جديدٍ لافت.

فهذا الأستاذ التونسي عمل خلال ثلاثة عقود على إعادة تحقيق ونشر مقدمة ابن خلدون وتاريخه وسيرته الذاتية، وقد صدر كل ذلك في خمسة عشر مجلداً فاخراً، تمثل قراءة جديدة للتاريخ وحتى للمقدمة من خلال المخطوطات، بدلاً من الطبعات المنسوخة عن الطبعة الفرنسية الأولى طوال قرنٍ ونصف.

وكما سبق القول، فإنّ عشرات المراكز والمؤسسات البحثية والاستراتيجية، بعضها رسمي وبعضها خاص، نظمت محاضراتٍ في الموضوعات التي تهدف لإطلاع الحضور على اهتماماتها، ومن ذلك تجديد الخطاب الديني، والتسامح والتعايش، وسياسات السلام والتعاون، والتوجهات الاستراتيجية، ونتاجات الرواية وبخاصةٍ أنّ جائزة البوكر العربية أُعلن عن نتائجها في المعرض، وقبلها نتائج جائزة الشيخ زايد للكتاب. ولأول مرة شاركتْ جامعةُ محمد بن زايد للعلوم الإنسانية في نشاطات المعرض وبطرائق مكثفة. فقد أقامت عشر محاضراتٍ وندوات، وعرضت خمسة عشر كتاباً جديداً وأعمال مؤتمرات.

وكان ابن خلدون حاضراً فيها أيضاً، كما حضرتْ موضوعاتُ التجديد الديني، والإصلاح الديني. وعرضت الجامعةُ على جمهرة المثقفين برامجها الجديدة في التسامح والتعايش ودراسات الأديان والفلسفة الحديثة والمعاصرة، والتاريخ والحضارة، وخطط استحداث كلية للعلوم الاجتماعية التطبيقية.

لقد أظهرت جامعة محمد بن زايد في توجهاتها الجديدة أربعة اتجاهات: اتجاه الإصلاح الديني العام، واتجاه تجديد الخطاب الديني، واتجاه دراسات الأديان والحضارات، واتجاه النهوض بالدراسات الفلسفية. في معرض أبوظبي أيضاً أمكنت الإفادة من وجود دور نشرٍ أجنبية، كما تقابلنا مع مثقفين من سائر البلدان، وتبادلنا المعلومات عن الكتب والشخصيات والمشروعات الجديدة.

*أستاذ الدراسات الإسلامية - جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية