UAE
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

تطوير آليات مجلس التعاون الخليجي

شهد مجلسُ التعاون لدول الخليج العربية، وعلى مدى أكثر من أربعين عاماً خلت، ثباتاً وتفاعلاً مع الأحداث، مدعوماً بثقة ومُكْنَة من أعضاء الدول المؤسسة الست، وهو ما مكن المجلس من مواجهة أكبر وأخطر التحديات التي شهدتها المنطقة، وعلى رأسها الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت لأكثر من ثماني سنوات (1980-1988)، والتي تعد السبب الرئيسي وراء إنشاء المجلس كمنظومة إقليمية للتعاون والتنسيق والتكامل بين دول تجمعها قواسمٌ مشتركةٌ كثيرةٌ ومصالحُ حيويةٌ كبيرةٌ.
ومن نافلة القول، وهذا مبعث اعتزازنا بمجلس التعاون الخليجي، أنه خلال اثنين وأربعين عاماً مضت، أي منذ تأسيسه في 25 مايو 1981 في حاضنته الأولى أبوظبي، لم يتخلف يوماً عن عقد وتنظيم اجتماعاته الدورية العادية، أو اجتماعات القمة على مستوى القادة، وهذه شهادة امتياز ينبغي تسجيلها لصالح المجلس وأمانته الموقرة.
عندما نتحدث عن تطوير آليات مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتي بقيت كما هي في حين، نلاحظ أن دول المجلس نفسها قد تطورت كثيراً، وخطت خطوات متقدمة كل بطريقتها الخاصة، حيث بات المجلس متأخراً عن أعضائه عدة سنوات، فينبغي القول أيضاً بأن هذه المقارنة لا تتناسب مع طبيعة المنظومات الإقليمية ذات الشخصية الاعتبارية، والتي تتمتع بوزنها الاقتصادي والسياسي القوي، وتُعد رافعة قوية لدولها على المستوى الإقليمي والدولي.
وفي هذا السياق نورد بعض المقاربات التي سيستفيد منها مجلس التعاون، لو جاز له الأخذ بها، إذ قد تساعد على تطوير بعض آليات المجلس. ومن المناسب هنا، الإشارة إلى مقال زميلنا الدكتور محمد العسومي بشأن «شنجن خليجي» («الاتحاد» 11 مايو 2023)، الذي لاقى ترحيباً في الوسط الإعلامي وبين مواطني دول الخليج العربية، لما لهذا الإجراء من أهمية في تنشيط السياحة الخليجية، محاكاةً لدول أوروبا. وقد أثبت مونديال قطر إمكانيةَ منح تأشيرة مشتركة بعد النجاح الذي حققته بطاقة «هيا» الصادرة من قطر، والخاصة بالمونديال.
وفي ضوء التحولات والمتغيرات الجيوسياسية التي تَحدث من حولنا، تتبدّى تحديات اقتصادية عالمية، مثل ضعف الأسواق وارتفاع أسعار الطاقة والأزمات المالية. إلى جانب تحولات اجتماعية عالمية كبيرة أخرى في المستقبل، مثل تزايد الهجرة وتغير التركيبات السكانية، علاوةً على التحديات المناخية مثل التلوث ونقص المياه والكوارث البيئية الناجمة عن الأحوال الجوية السيئة. وستتعامل هذه الدول مع ثورة التكنولوجيا وتطوير الاقتصاد الرقمي وتحسين الاتصالات وتوفير الخدمات الإلكترونية وتطوير الفضاء الرقمي.
وهنا نذكّر بالهجمات السيبرانية التي تزداد يوماً بعد يوم، وبأن بعض الدول في المنطقة سبق أن تعرّضت لهجمات إلكترونية. ومن التحديات أيضاً الإرهاب الذي يُعد أحد أكبر التحديات الأمنية التي تواجه العالم!
وإذ نتطلع لتطوير آليات المجلس، يأتي في المقدمة تطوير العلاقات بين دول المجلس، لكي ترتقي إلى مستوى يعزز العمل الخليجي المشترك بخطوات من أهمها: تعزيز الحوار الثنائي والجماعي بين الدول الأعضاء، والتبادل الدوري للزيارات الرسمية بين قيادات الدول الأعضاء، وتعزيز دور الهيئات والمؤسسات الخليجية المشتركة.. إضافة إلى مجالات جديدة للتعاون. وهذا مع التركيز على التعليم والتدريب والأبحاث العلمية بأنواعها، ثم مراجعة المشروعات التي لم تكتمل وينبغي تفعيلها، لتحرك الآليات المتوقفة، خاصة تلك المتعلقة بالجمرك.

*سفير سابق