Bahrain
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

"جمهور المسرح في البحرين في حاجة ماسة وشديدة إلى ناقد"

في التسعينات كان النقد المسرحي منتعشا إلى حد كبير، وكانت هناك أقلام رائدة وصاحبة أعماق ثقافية واسعة وغنية تثري الساحة عن طريق مقالات صحافية تنشر هنا وهناك، وحينها طبعا لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي قد ولدت بعد، ومع ذلك كان الحراك النقدي نشطا.

ومن الأسماء التي أتذكرها الناقد إبراهيم غلوم (الله يعطيه الصحة والعافية)، والفنان عبدالله السعداوي، والفنان خالد الرويعي، والناقد يوسف الحمدان وهو الوحيد الذي حافظ على مقعده بالجد والمثابرة لغاية اليوم (وأعني في النشر)، والكاتب حسام توفيق أبو اصبع، وزهراء المنصور وهي أيضا ما زالت مجتهدة، والمرحوم الناقد محمد البنكي، والناقد محمد حميد السلمان، وليعذرني الآخرون إن نسيت أسماءهم.


اليوم تعرض المسرحية ويحضرها الجمهور والكتاب، وبعد انتهاء العرض ونزول الستارة ينصرف الجميع من دون أن تكون هناك مصابيح كاشفة على التجربة، بل ولا نصيحة تقدم للممثلين.
ما أريد قوله هو إن النقد علم إنساني جليل نشأ وترعرع في مهد الفلسفة وفي أحضان الفن منذ القدم، والنقد المسرحي خصوصا نبت في تربة فلسفية وفى ربوع فنية أصيلة.
إن النقد والفلسفة علمان إنسانیان عظيمان، يعتمد كل منهما على المنهج العلمي والمنطق السليم والعقل المرهف والوجدان الحي والذوق المتدفق الذكي في اختيار الحقائق واستنباط مدلولاتها.
ومن ناحية أخرى فإننا نرى أن العلاقة بين الفن والنقد وثيقة جدا، فالفن والنقد متلازمان منذ القدم، والفن خلق لقيم فنية وجمالية إنسانية، والنقد وإن كان علما فإنه قيمة مبدعة خلاقة تستنبط قيم الفن والجمالية الإنسانية.
جمهور المسرح في البحرين في حاجة ماسة وشديدة إلى ناقد عالم مثقف يخدم المسرح، بأن يخدم الجمهور بمساعدته على التذوق السليم، وبهذا يتفاعل المسرح مع جمهوره، فيحمي الناقد بذلك تجارب فنان المسرح ووجدانه وأفكاره بإيصالها إلى جمهوره غير محرفة أو مشوهة عن طريق النقد العلمي والثقافة الشاملة، فالناقد بطبيعة تخصصه مدافع عن القيم الفنية والجمالية ومدافع بالتالي عن الإيمان بالإنسان.


لابد أن تنشط حركة النقد المسرحي لكي يتمكن المسرح عندنا من أن يشق مجراه بحثا عن الاتجاهات الجديدة المتطورة التي تتواءم مع العصر الذي نعيش فيه ولكي يتمكن المسرح من أن يوسع قاعدته الشعبية، وأيضا لكي يتمكن المسرح من أن يعكس في وضوح ثقافتنا الوطنية الأصلية، ولكي يتمكن المسرح من أن يخلق قيما إنسانية عليا.
نحن في "البلاد" نحاول قدر المستطاع تسليط الضوء على الأعمال المسرحية المحلية بالنقد والتحليل، إلى جانب الانفراد بنشر الأخبار الفنية والثقافية، وأتصور أن قناة وسائل التواصل الاجتماعي خاصة (حسابات المسارح الأهلية وبعض الفنانين المهتمين وكذلك المدونات الشخصية)، مناسبة جدا لنشر الكتابات النقدية وبث الروح فيها، فالأهم عدم ترك الساحة من دون ناقد ورائد وموجه للفن وللجمهور، إذ إننا على مر العصور رأينا أن أعظم الأعمال المسرحية وأحسن الأعمال النقدية قد صدرت جميعها عن الفهم المتلازم بين الفنان وجمهوره، وبين الفنان وناقده، وجمهور المسرح الاثيني الذي استمتع بأعمال ايسخيلوس وسوفوكليس وقرأ لأرسطو، خير شاهد على ذلك.

تنبه صحيفة البلاد مختلف المنصات الإخبارية الإلكترونية الربحية، لضرورة توخي الحيطة بما ينص عليه القانون المعني بحماية حق الملكية الفكرية، من عدم قانونية نقل أو اقتباس محتوى هذه المادة الصحفية، حتى لو تمت الإشارة للمصدر.