Algeria
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

أسس الاقتصاد الإسلامي منع الغش والتدليس والنجش

 منع الغش
 الغش هو كتم حال المبيع عن المبتاع، وعن البائع إذا جهله وقد علمه المبتاع، وذلك ممنوع شرعا وعرفا، ومستند هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على رجل يبيع طعاما مصبرا، فأدخل يده في الصبرة فرأى فيها بللا قد أصابته السماء، فأخرجه إلى ظاهر الصبرة وقال: “من غشنا فليس منا”. ويدخل في هذا بيع الصبرة يعلم البائع بكيلها ولا يعلم المشتري ذلك، فلا يجوز ذلك حتى يعلمها جميعا أو يجهلها جميعا، وإنما يمتنع ذلك من الجهة الواحدة. ومن ذلك أن يدخل الرجل السوق بفص يظنه زجاجا، فإذا رآه المشتري تحقق أنه فص ياقوت، فهذا غش إن انعقد البيع عليه لم يجز وكان البائع بالخيار.

والملاحظ هنا أن الغرر والغش يشتركان في عدم العلم؛ فعدم العلم في الغرر يتعلق بحصول المعقود عليه وعدم حصوله، بينما عدم العلم في الغش يتعلق بحال المبيع وسلامته من العيوب. وهناك فارق جوهري بينهما، وهو أن عدم العلم في الغرر حاصل في جهتي البائع والمشتري كلاهما، وكذلك المجهول، بينما عدم العلم في الغش حاصل في إحدى الجهتين دون الأخرى، كأن يجهله المشتري ويعلمه البائع، أو علمه المشتري برؤيته له وجهله البائع، لكن إذا كان العلم بحال المعقود عليه وعدم العلم به يشترك فيه العاقدان أو الطرفان، فلا غش هنا والمعاملة جائزة، وإنما يمتنع ذلك من الجهة الواحدة.

منع التدليس


التدليس هو إخفاء العيب الموجود في المبيع عن المبتاع، وبناء عليه، فإن كل شيء دلس فيه بائعه بعيب فهلك ذلك الشيء المعيب من ذلك العيب المدلس به كان ضمانه من بائعه. والذي يظهر أن التدليس يقع إذا كان وصف عدم العلم في جهة المشتري فقط، وكان البائع على علم بحالة المبيع وعيوبه، ولكنه تعمّد كتمانها وإخفاءها عن المشتري الذي كان جاهلا بها عند العقد، ولذلك، لو جهل البائع تلك العيوب واستوى مع المشتري في عدم العلم بها، فلا يعدّ مدلسا، البائع إذا كان غير مدلس ما أصاب ذلك الشيء المشتري من هلاك أو نقص وكان بسبب العيب أو بغير سببه، فإن مصيبته من المشتري ونقصه عليه.

تحريم النجش


إن النجش المنهي عنه شرعا هو الذي يقع عند مواطأة البائع ممن يزايد على السلعة غير قاصد الشراء، لدفع الغير لشرائها بثمن مرتفع، ويدخل في هذا الباب من يخبر أنه اشترى السلعة بأكثر مما اشتراها ليضرّ غيره، فهذا العمل هو من باب أكل أموال الناس بالباطل، وقد حرّم الإسلام ذلك ومنعه في جميع التصرّفات مهما كانت طبيعتها، حيث قال تعالى: {لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: “نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش”، وقال ابن أبي أوفى: الناجش آكل الربا خائن وهو خداع باطل لا يحل، قال صلى الله عليه وسلم: “الخديعة في النار ومن عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد”، وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجلا ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع، فقال: “إذا بايعت فقل لا خلابة”.

ويحدث الغش في سوق الأوراق المالية عن طريق الإشاعات الكاذبة، والأوامر المتقابلة التي تهدف إلى إيجاد حركة مصطنعة في الطلب والعرض على الأوراق المالية في السوق، الذين لا يتحركون إلا بغريزة الخوف لا بدافع العقل، والإسلام يرفض هذا الخداع، فعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم: “نهى عن النجش”، كافتعال تعامل مظهري نشط على سهم ما، في الوقت الذي قد لا يوجد فيه تعامل فعلي يذكر على ذلك السهم؛ والهدف من هذا البيع إيهام المتعاملين أن تغييرات سعرية حدثت للورقة المعنية؛ وأن تعاملا نشطا يجري عليها وهو بذلك لا يخرج عن كونه نوعا من الخداع والاحتيال بغرض تحقيق الربح، ومن هذا القبيل الاتفاقيات التي تتم بوساطة شخصين فأكثر وتستهدف إحداث تغييرات مفتعلة في أسعار الأوراق المالية بغرض تحقيق الربح، ويتم ذلك من خلال ترويج إشاعات عن سوء حالة مؤسسة معيّنة والإيعاز للعملاء بالتخلص من ورقة مالية معيّنة؛ فيندفع العملاء إلى التخلص من هذه الورقة بأدنى خسارة حتى تصل قيمتها السوقية إلى أدنى حدّ ممكن، وحينئذ يسعى هؤلاء المتآمرين إلى شرائها، ثم يبدؤون بعد ذلك في نشر معلومات عن تحسن أحوال المؤسسة مصدرة هذه الأوراق؛ فتبدأ القيمة السوقية للورقة في الارتفاع، ويقومون بإبرام صفقات صورية حتى يسود الاعتقاد بأن هناك تعاملا نشط على تلك الأوراق فيزيد التحسن في قيمتها، وعندما تصل القيمة السوقية للورقة إلى أقصاها يبدؤون في بيعها محققين ربحا على حساب المستثمرين حسني النية.

*مدير تحرير مجلة “آفاق الثّقافة والتّراث”