Iraq
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

إحجام عن اسعاف المصابين في الطرق بسبب النصابة

 السماوة/ أحمد ناصر

تحصد حوادث السير عدداً غير قليل من الأرواح يومياً، وهذا العدد يأتي نتيجة تأخير نقل المصابين واسعافهم من قبل الأشخاص الذين يشاهدون الحادث فور وقوعه، ولم يتدخلوا لإسعاف المصاب وحمله لأقرب مؤسسة صحية لتلافي تعرضهم للاتهام والمساءلة من قبل ذوي المتوفي أو التحقيق والحجز من قبل الأجهزة الأمنية.

وبالرغم من قرار مجلس القضاء الأعلى بمنع المساءلة القانونية للمسعف في الحوادث المرورية مع عدم المساس بإجراءات التحقيق، فعندما يشاهد أحد المارة حادث سير تراه يتردد أو يحجم عن إسعاف ومساعدة المصابين ونقلهم إلى أقرب مستشفى، وقلة من الناس يبادرون إلى اسعاف مصابي الحوادث المرورية وبالتالي فهناك من يؤيد عمليات الإسعاف هذه انطلاقا من دوافع إنسانية، وهناك من يعارض هذه العمليات خوفاً من الإجراءات أو التبعات التي يتعرض لها من العشيرة التي ينتمي إليها الضحية مرة، ومرة أخرى الإجراءات القانونية، لذلك يموت الكثير من الناس على مرأى من المتواجدين في مكان الحادث لحظة وقوعه، في حين بالإمكان إسعافهم وإنقاذهم من الموت لولا الخشية من الإجراءات الأمنية في المستشفيات أو في مكان الحادث.

منع المساءلة القانونية

يقول المحامي علي كاظم الزيادي رئيس هيئة انتداب محامي المثنى لـ(المدى)، إن "هذه المسألة تجتمع على العديد من الجوانب الانسانية والاجتماعية والأخلاقية والقانونية، وإن إغاثة أو عدم إغاثة المصابين، أو نقل المتوفين نتيجة حوادث السيارات أمسى يكون حديث الساعة لكثرة الحوادث في العراق والتي تضاهي ضحاياها ضحايا الحوادث الإرهابية بل وزادت عليها بعد تحسن الوضع الأمني في العراق".

وأضاف "يكمن سبب امتناع العامة عن تقديم المساعدة للمصابين أو نقلهم للمستشفيات أو للتهرب من المساءلة العشائرية التي تكون بعد أن يتم تسجيل اسم المسعف أو من قدم العون، ليكون تحت سهام المطالبات العشائرية، رغم أن دوره ينحصر في اغاثة المصاب بالحادث المروري". وأكد "تم تقديم العديد من الحلول، لكنها للأسف جميعها لم تحقق الغاية المرجوة من ذلك بأن يتم اعادة روح التعاون واغاثة المصابين، ومنها البيان الصادر من مجلس القضاء الأعلى والذي يعفي المسعف من المساءلة القانونية إن لم يثبت ارتكابه حادث الدهس بحق المصاب أو المتوفى، لكن هذا لم يحقق ما هو مرجو".

وشدد على " ضرورة إصدار قرار أو قانون يمنع المطالبة العشائرية ويتم إدانة من لاحق عشائرياً من أغاث مصاباً أو نقل متوفياً دون الاستناد إلى حكم قضائي مكتسب الدرجة القطعية، ونصب كاميرات حديثة على الطرق العامة والفرعية كي نتمكن من إنهاء مسألة الاتهام الجائر، وإعادة روح التعاون، بالإضافة إلى إدانة من يثبت تهربه عن إغاثة المصاب، ونتج عنه وفاة أو إصابة المصاب بعاهة مستديمة نتيجة عدم إغاثته حسب احكام قانون العقوبات".

وزاد "يجب انتشار المفارز الطبية في مناطق متقاربة كي تكون هي المسعف قدر الإمكان لنضمن جانبين، الأول هو الجانب الطبي الصحيح والجانب الآخر هو تقليل فرصة المساءلة القانونية والعشائرية".

الخوف من المسؤولية

سائق التكسي محمد أمجد قال لـ(المدى): عندما يواجهني حادث سير في طريقي أخشى التوقف أو حتى المشاهدة، وهذا ليس تهرباً مني أو عدم الإحساس بالمسؤولية، ولكن خوفاً من ما قد أواجهه في المستشفى من رجال الشرطة جراء الأسئلة والاتهامات وما شابه ذلك، وبدلاً من تقديم الشكر لي في بعض الأحيان يتم حجزي مما يتسبب بتعطيل عملي وربما قطع رزقي.

وأضاف "نحن في مهمة السياقة مرت علينا الكثير من المواقف لذا على المستوى الشخصي لا أتوقف إطلاقا عند أي حادث".

أما المواطن صالح محمود فيقول: "توفي شقيقي في حادث سير بعد أن لم يسعفه أحد ما أدى ذلك إلى حدوث مضاعفات فارق على اثرها الحياة، وبعد قرار مجلس القضاء الأعلى بمنع المساءلة القانونية للمسعف في الحوادث المرورية مع عدم المساس بإجراءات التحقيق وهذا ما ينقذ الكثيرين، ولكن قد يبقى التخوف من الناحية العشائرية بالرغم من أن عشائرنا مع إسعاف المصاب ولكن يبقى التخوف من الاتهام".

واجب إنساني وأخلاقي

وإزاء ذلك، يقول مرتضى محمد دكتوراه في علم الاجتماع: يملي عليَ واجبي الأخلاقي والإنساني أن أتوقف إذا رأيت حادثاً على الطريق العام، وأقدم للمصاب كل ما يحتاج إليه من حالة إسعاف أولي، وإذا اضطررت سأقوم بنقله إلى المستشفى بغض النظر عن أي إجراء قانوني أتعرض له، فحياة هذا المواطن المصاب تستحق أن يتعرض الانسان بسببها إلى المساءلة القانونية الروتينية.

ويوضح "أنا أتفهم تخوف الكثير من الناس البسطاء من الإجراءات القانونية، ولكن هل يعقل أن يترك شخص مصاب في مكان ما يصارع الموت إلى أن يفارق الحياة بحجة الخوف من الإجراءات القانونية".

وأشار إلى، أن "هذا الفعل صعب لا يمكن تقبله، ونتمنى من الجهات الحكومية أن تسهل الإجراءات، كما نتمنى من منظمات المجتمع المدني والمهتمين بالشأن الاجتماعي أن يعززوا ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع العراقي على مستوى السلوك الإنساني".