Lebanon
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

نبيه بري.. ديناصور سياسي استمر في منصبه ثلاثين عاما

بات نبيه بري، الذي أعيد الثلاثاء انتخابه رئيسا للبرلمان اللبناني للمرة السابعة، يوصف في أوساط قوى التغيير بأنه الديناصور السياسي الذي ظل مسيطرا على رئاسة المجلس منذ ثلاثين عاما، ومنع صعود أيّ شخصية أخرى إلى هذا المنصب، وفرض نفسه على المشهد بالمناورات والحيل وخدمة الأجندات الخارجية في لبنان بدءا بأجندة النظام السوري وصولا إلى أجندة إيران.

وتقول أوساط قوى التغيير في لبنان إن لدى بري رغبة غريبة في التمسك بالمنصب، حتى أنه صار يوصف برئيس البرلمان إلى الأبد، وفي نفس الوقت الرغبة المحمومة في التخلص من الخصوم وقطع الطريق أمام صعود شخصيات سياسية لبنانية معارضة للنظام الطائفي المستمر لعقود.

واعتبرت هذه الأوساط أن بري هو حامي النظام الطائفي والمعارض لأيّ تغيير، لكنه يسعى للإيحاء بانحيازه للثوار ويبدي استعداده للمحاسبة، وهو جزء من الأسلوب الذي بات معروفا على بري لدى اللبنانيين، أي الإيحاء بمواقف يعمل عكسها تماما.

من صوتوا لبري هم من فصيلته وممن يخافون أن يخرجوا من البرلمان ويخسروا الامتيازات السياسية والإعلامية

وكشف التصويت أن مصداقية بري، الذي حصل الثلاثاء على 65 صوتا، أي بنسبة النصف زائد واحد من مجموع 128 يشكلون أعضاء البرلمان مقابل 23 ورقة بيضاء و40 ورقة ملغاة، في أدنى مستوى لها منذ تم انتخابه لأول مرة رئيسا للبرلمان في العام 1992، وأن أيّ سياسي آخر يحترم نفسه كان سينسحب في مثل هذه الوضعية.

وسادت حالة من الهرج والمرج عند بدء فرز الأصوات بعد امتناع بري عن قراءة أوراق الاقتراع التي تضمنت عبارات فيها تقريع واتهامات له وللتحالف البرلماني الذي ينتمي إليه بالوقوف وراء أزمات لبنان.

واعترض عدد من النواب ومن بينهم المستقلون على عدم قراءة الأوراق قبل أن يعود بري ويوافق على قراءتها علناً. وقد جاء في بعضها “العدالة لضحايا انفجار المرفأ”، في إشارة إلى عرقلة التحقيق في انفجار المرفأ الذي وقع في الرابع من أغسطس 2020، و”العدالة للمودعين”، في إشارة إلى الانهيار الكامل واحتجاز ودائع اللبنانيين في المصارف، و”لقمان سليم”، الناشط المعارض لحزب الله الذي اغتيل من دون أن يتم الكشف عن منفذي الجريمة حتى الآن، و”الجمهورية القوية”، وهو اسم كتلة القوات اللبنانية، خصم حزب الله الأبرز.

وقال مراقبون لبنانيون إن بري نجح بفضل تحالف هش بين الثنائي الشيعي (حركة أمل التي يرأسها، وحزب الله) يضاف إليه التيار الوطني الحر برئاسة ميشال عون وصهره جبران باسيل، وهو تحالف يسير نحو المزيد من الخسارات بسبب رفض البيت المسيحي لهذا التحالف، ما قاد إلى معاقبة التيار وجعله ثانيا خلف حزب القوات اللبنانية الذي يرأسه سمير جعجع.

وأشار المراقبون إلى أن من صوتوا لبري هم من فصيلته وممن يخافون أن يخرجوا من البرلمان والمناصب ويخسروا الامتيازات والحظوة السياسية والإعلامية، والتي من أجلها يتمسكون بتحالفات تغطي على الفساد وتعارض التغيير.

وخلال العقود الأخيرة، دأب بري على الظهور في كل المناسبات وارتبط اسمه بالأزمات الأمنية والسياسية التي عاشها لبنان بدءا من الحرب الأهلية (1975 – 1990) واتفاق الطائف. لكن لا أحد يتذكر له إنجازا حقيقيا سوى رعاية النظام الطائفي وتحريك المناورات والمؤامرات من وراء الستار للحفاظ على ذلك النظام وتأييده.

ولفت المراقبون إلى أن بري عنوان حقيقي لاستمرار نظام المحاصصة الطائفية في لبنان، وهو حافظ له من خلال رعاية أغلب “المصالحات” والاتفاقيات التي تتم بين الفرقاء اللبنانيين على قاعدة الوفاء له. كما عرف بمناوراته الهادفة إلى امتصاص الغضب الشعبي.

وفي خضم النقاش حول المسؤولية السياسية للحكومة والأحزاب والشخصيات المعروفة عن دورها في تفجير مرفأ بيروت، قال بري إن مجلس النواب مستعد لرفع الحصانة عن أعضائه والسماح بإجراء الاستجوابات ذات الصلة بالانفجار، في خطوة وصفها المراقبون بالمناورة الهادفة إلى امتصاص غضب الشارع وتمييع أحد أهم شعاراته الداعية إلى محاسبة المتورطين بشكل مباشر أو غير مباشر، واتهام المسؤولين بالإهمال.

ورغم أنه أحد أكبر المستفيدين من النظام الطائفي، إلا أن بري لا يضع نفسه في مواجهة الشارع اللبناني ويفضل مسايرة مطالبه بقوله إن “أخطر ما كشفته كارثة المرفأ، عدا عن عناصر الدولة الفاشلة، هو سقوط هيكل النظام السياسي والاقتصادي بالكامل”. وأضاف “لا بدّ بالتالي من تغيير في هذا النظام الطائفي فهو علّة العلل”.

وكان بري هدفا لغضب المحتجين خلال مظاهرات غير مسبوقة على مستوى البلاد في أكتوبر 2019.