Tunisia
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

بسبب التراكمات الاجتماعية واختلال دور مؤسسات التنشئة: أطفال يهربون إلى الانتحار

Babnet

بسبب التراكمات الاجتماعية واختلال دور مؤسسات التنشئة: أطفال يهربون إلى الانتحار

(تحرير آمال ماجري، وات)- أطفال لم يدركوا بعد، كنه الحياة يؤثرون الانتحار... يخمدون أنفاسهم بأيديهم لأسباب قد تبدو "للعاقلين" أنها واهية، فتتوقف بهم عجلة الحياة في سن مبكرة وإلى الأبد. لكن هذه الأسباب "ثقيلة" على هؤلاء الأطفال إلى الحد الذي يختارون الرحيل عن هذه الدنيا سريعا. فالهشاشة النفسية للطفل والمراهق والتراكمات خاصة الاجتماعية التي يعيشانها ولا يدركها "الكبار" قد تكون من مسببات الفعل الانتحاري، حسب ما بيّنه مختصون. سجلت تونس سنتي 2020 و 2021 على التوالي 224 و 194 محاولات انتحار لدى اطفال، حسب النشرية الاحصائية لنشاط مندوبي حماية الطفولة 2020-2021.

وأحصى المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال الثلاثيتين الاولى والثانية من سنة 2023 على التوالي 45 حالة ومحاولة انتحار لكل ثلاثية وسجلت الثلاثية الاولى حالة انتحار واحدة لمن هم دون 16 سنة و 9 ضحايا للفئة العمرية 16 الى 25 سنة فيما سجلت الثلاثية الثانية 13 حالة ومحاولة انتحار في صفوف التلاميذ والاطفال.


والانتحار ومحاولات الانتحار، كما عرّفه الاخصائي النفسي، طارق السعيدي لوكالة تونس افريقيا للانباء، هو ظاهرة سلوكية معدية يعزم عليها بعض الاطفال او المراهقين حال سماعهم بحالات من وسطهم الذي قد يكون الفضاء العائلي او الوسط المدرسي.


وقال السعيدي إن من دوافع الانتحار ومحاولاته، أن تتوفر لدى الطفل او المراهق الارضية الملائمة لذلك كالاضطرابات النفسية، على غرار الاكتئاب الحاد والفصام وثنائي القطب وحالة القلق ما بعد الصدمة النفسية فضلا عن استهلاك المخدرات واكثرهم عرضة للانتحار ومحاولاته مستهلكي القنب الهندي.
والطفل، وفق المتحدث، لم يتملك جيدا الآليات الدفاعية اللازمة لمجابهة صعوبات الحياة فيقرر الهروب الى الموت في بدايات معترك الحياة. وقد تساهم الوضعية الاجتماعية للطفل والمراهق وخاصة الوضع المعيشي المتدني في ظهور فكرة الانتحار والاقدام عليه. واعتبر السعيدي ان الهرسلة والوصم والتهديد من مسببات الفعل الانتحاري كذلك.
ولم يستبعد الاخصائي النفسي من أن تكون مرحلة ما بعد الكوفيد ومخلفاتها النفسية المتوسطة وطويلة الامد سببا في تنامي ظاهرة الانتحار .
واعتبر ان لتراجع التواصل الايجابي والخلافات الزوجية وفقدان شخص عزيز والفشل المدرسي يمكن ان يساهموا في الفعل الانتحاري لدى الطفل والمراهق.
وأشار الى أن الدراسات النفسية الوطنية الحديثة كشفت ان اغلب حالات الانتحار المسجلة على المستوى الوطني هي للفئة العمرية من 7 الى 16 سنة وان 86 بالمائة من المنتحرين او ممن حاولوا الانتحار لديهم فشل مدرسي و46 بالمائة منهم بسبب سوء المعاملة من قبل العائلة او الاطار التربوي.
واقترح ان يتم توفير اخصائي نفسي في كل مؤسسة تربوية على الاقل ومؤسسات الطفولة المبكرة وحل الخلافات الزوجية والوقاية من استهلاك المخدرات وممارسة الانشطة الثقافية والرياضية والتفطن الى صعوبات واضطرابات التعلم وتدريب الطفل على التعبير على مشاعره بطريقة ناجعة.
من جهتها، أرجعت الاستاذة والباحثة في علم الاجتماع بجامعة تونس، رانية غويل، في تصريح لـ(وات)، دوافع الانتحار ومحاولاته الى اختلال في ادوار مؤسسات التنشئة الاجتماعية.
وترى غويل ان الاسرة التونسية شهدت في السنوات الاخيرة تراجع روح التضامن ومشاعر التآلف والمحبة بين افرادها مما ادى الى تفكك اسري كان دافعا للانتحار والانحراف.
وأضافت انه في بعض الاحيان يكون سلوك العنف وقسوة الوالدين تجاه ابنائهم سببا في ظهور ردات فعل معاكسة لدى الطفل تؤدي به الى الخوف والانكماش وتجبره في الاخير إلى ترك المنزل فيقع تحت براثن حياة التشرد والجريمة والانتحار.
ولفتت الى أن أزمة التعليم التي تمر بها المدرسة التونسية تسببت أيضا تراجع الدور المنوط بعهدتها مما ادى الى ارتفاع حالات الانقطاع المبكر عن الدراسة فالمدرسة اليوم لم تتعامل مع متطلبات الطفل واحتياجاته النفسية والتعليمية والاجتماعية.
وعرّجت على عدوى التقليد في الفعل الانتحاري فاعتبرت أن من تداعيات الفعل الانتحاري هو انتحار عدد آخر من الاطفال.
وشدّدت على الحاجة الملحة لبناء استراتيجية مجتمعية للتصدي للفعل الانتحاري عبر مقاربة تشاركية تكون الاسرة والمدرسة المؤسسات الاولى الفاعلة لبناء استراتيجيات للحد من الانتحار ومحاولاته.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار