Tunisia
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

مشروب "اللاقمي".. عنصر قارّ في موائد إفطار سكان ...

مشروب "اللاقمي".. عنصر قارّ في موائد إفطار سكان نفزاوة رغم مشقّة استخراجه

وات - تحرير أحمد التايب - يعتبر مشروب اللاقمي من المكوّنات الرئيسية لموائد إفطار الصائمين بولاية قبلي، حيث يحرص متساكنو الجهة على اقتنائه أو استخراجه بأنفسهم من أشجار النخيل ليكون حاضرا على موائد إفطارهم، وحتى على موائد سحور الكثير منهم طيلة ايام الشهر الكريم.

محمود، شاب أصيل معتمدية قبلي الجنوبية، يعتبر أن حضور اللاقمي على مائدة الافطار لا يقلّ أهميّة عن حضور اللبن وحبات التمر، لذلك فهو يحرص سنويا على استباق الشهر الكريم بتحضير "اللاقمية" وهي شجرة النخيل المعدّة لاستخراج هذا المشروب، والتي "يقتلها"، على حد تعبيره، عبر إزالة جريدها المتيبس والاخضر عدا جزء محدود منه يتركه للجلوس عليه أثناء عملية القصّ اليومي لقلب النخلة أو ما يسمى محليا بـ"الحجمان" والمخصّص لتجديد سيلان قطرات اللاقمي عبر قطعة صغيرة من القصب يتم قصها الى نصفين وتركيزها على قلب النخلة المقصوص بطريقة مائلة تحدّد مسار سيلان هذه القطرات في اتجاه الجرة التي تتجمع داخلها.


ويوضح أن تحضير اللاقمية يكون عادة قبل شهر رمضان بأسبوعين أو ثلاثة أسابيع وتتطلب عملية "قتلها" يوما او اثنين يتم خلالهما قصّ الجريد وصولا الى قلب النخلة الذي يتميز بطراوته لاحتوائه على مادة "الجمار" الغنية بالسكريات والتي تعطي لمشروب اللاقمي الحلاوة التي يتميز بها.
وبعد الفروغ من عملية تحضير اللاقمية وقصّ جريدها، يقول محمود أنّها تترك ليومين أو ثلاثة لتجفيف قلبها، ثم يُشرع إثر ذلك في قصّه يوميا عبر إزالة ما تيبس منه لمليمترات بشكل أفقي باستعمال آلة حادة تشبه المنجل وتعرف "بالحجامة"، ما يؤدي الى سيلان قطرات اللاقمي.
وبيّن أن تحضير اللاقمية قبل شهر رمضان بمدة يساعد في تحصيل كمية أكبر من مشروب اللاقمي، ذلك ان الشجرة لا تعطي في الأيام الأولى لتحضيرها أو "قتلها" إلا كميات محدودة لا تتجاوز عادة لترين أو ثلاثة لترات، إلّا أنّها تتضاعف بمرور الايام وتصل الى قرابة 20 لترا يوميا في بعض الاحيان.
وحول طريقته في اختيار أشجار النخيل الأنسب لاستغلالها في تحضير مشروب "اللاقمي"، أوضح محمود أن هذا المشروب لا يستخرج بمختلف قرى جهة نفزاوة إلا من أشجار نخيل التمور المطلق، ولا يمكن استغلال اشجار النخيل المنتجة لدقلة النور في هذه العملية، مشيرا إلى أن بعض أبناء الجهة يقومون باستغلال أشجار اللقاح او المعروفة بشجرة "الذكار" كلاقمية، إلا أنه يعزف عن قتل هذا النوع من الاشجار نظرا للنقص الكبير فيها في المشاريع الفلاحية العمومية والخاصة، مقابل كثرة أشجار دقلة النور التي باتت تتطلب كميات أكبر من اللقاح او الذكار سنويا.
وأضاف أنّه يحرص عادة على اختيار الشجرة التي تتميز بالقوة في جذعها والتي تكون بعيدة نسبيا عن سواقي المياه مما يعطي للمشروب طعما ألذ ويكون لونه مائلا اكثر الى الاحمرار، وذلك نتيجة اختلاطه بدرجة أقل بالماء، كما يختلف طعم مشروب اللاقمي بين الليل والنهار رغم استخراجه من نفس اللاقمية نظرا لتأثره بالعوامل المناخية وخاصة منها ارتفاع حرارة الطقس عند الظهيرة.
ويعتبر، في هذا الصدد، أن ألذ أنواع اللاقمي هو الذي يتم تجميعه ليلا وهو ما يعرف لدى الأهالي "بالبومي" أي القطرات التي يتم تجميعها بعد حجم اللاقمية في ساعة متأخرة من النهار لتنسكب طيلة الليل ويتم رفع القلة او الجرة عن اللاقمية مع ساعات الفجر الاولى.
يوفّر محمود خلال الشهر الكريم كمية من مشروب اللاقمي الذي ينتجه لعائلته ويبيع ما زاد عن حاجته لمتساكني الجهة بأسعار تصل الى 3000 مليم لكل قارورة بلاستيكية سعة لتر ونصف، وهو ما يساعده في توفير القليل من المال لمجابهة المصاريف الطائلة التي تتضاعف في هذا الشهر الكريم نظرا لما تتطلبه مائدة الافطار، وفق تقديره، من بعض الكماليات على غرار الغلال واللحوم.
وحول مصير الشجرة التي يتم تحويلها الى "لاقمية" اكد المصدر ذاته انه بإمكانها أن تستعيد جريدها وقلبها مجدّدا اذا ما تمت تغطيته ببعض الثرى (التراب المبلّل) أو العزوف عن حجمها قبل الوصول الى خاتمتها، في حين تموت بقية الاشجار التي لا تخضع لهذه العملية تماما ويتم اقتلاعها.
من ناحيتهم، أكد عدد من الاهالي الذين اصطّفوا حاملين قواريرهم الفارغة أمام مكان انتصاب هذا الشاب وغيره من شباب القرية من بائعي اللاقمي قبيل أذان المغرب بساعة او اثنين، أن مشروب اللاقمي من المكونات الرئيسية لموائد إفطارهم وحتى لمائدة سحور البعض منهم، ذلك أنه من المشروبات المغذية، على حد تعبيرهم، بفضل ما يتوفر فيه من سكريات طبيعية، ومساهمته في تعويض الاقبال الكبير على شرب الماء من قبل الصائم والذي قد يحرمه من تناول ما يجتاجه من طعام يعوض ما افتقده الجسم طيلة يوم الصيام.
ووفق الاخصائية في التغذية، يمونة معالي، فإن لمشروب اللاقمي قيمة غذائية كبيرة نظرا لاحتوائه على مكونات مجهرية ونوع من السكريات الحينية سريعة الامتصاص، ما يساعد في تعويض ما فقده الجسم من هذه المواد بسرعة، كما أنّه يساعد في تعديل المواد السائلة في الجسم وخاصة منها المياه ما يعين الصائم في مقاومة العطش، إلّا أنّه من غير المنصوح استهلاكه من قبل مرضى السكري ومن الضروري تجنبه، وفق تأكيدها.
ودعت معالي، من جهة أخرى، إلى مزيد العناية بهذا المشروب خاصّة من ناحية نظافة الأدوات المستعملة في تجميعه ليحافظ على شكله الخام المتأتي من شجرة النخيل دون اضافة المياه، مع الحرص على استعمال الاواني الفخارية او البلورية لجمعه او بيعه،مع تجنّب استعمال القوارير البلاستيكية في تعبئته والتي يتم جمعها من أماكن مختلفة دون مراعاة شروط حفظ الصحة.