أحياناً! لابد أن تتفاقم المشاكل ليمكن حلها!!
ومن سخرية الأقدار، أن آلاف الورش وجلسات النقاش، التي دارت في ردهات فنادق أديس أبابا؛ نيروبي ومكبالا. ومئات الوثائق التي كتبت، ووقعت بأقلام هؤلاء الأشخاص. لكن غباء العقل لا تعالجه طول التجربة. فلو أنا ربطنا (نعجة) في عنق أحدهم بدلا من (الكرفتة) كان وعيها السياسي سيكون أفضل، و فقهُها الدستوري سيكون أعلى من هؤلاء السفهاء.
ففي الوثيقة التي نشرها، رئيس الوزراء المستقيل عبد الله حمدوك، إدعت فيها قوى إعلان الحرية و التغيير شرعية دستورية نصبت على أساسها نفسها حكومة منقلب عليها. وهذا منافي للعمليات السياسية التي بدأت منذ ابريل 2019م، فالتعريف الأساسي لكل هذه العمليات أنها توافقية سياسية، خلصت في سبتمبر واكتوبر 2021 إلى ضرورة توسعة الشراكة وإكمال هياكل الفترة الإنتقالية والتي شهدت عبث دستوري، (ولعب سياسي) لم تشهده حتى جمهوريات الموز المتخيلة في الخطاب الغربي.

رفضت قوى إعلان الحرية ة التغيير مبادرات حمدوك صاحب المنشور الأخير، والتي جاءت بعنوان الطريق إلى الأمام والذي كان يستوجب ان يقوم بحل الحكومة، وتشكيلها ولكن لرخصه السياسي رفض هذه الخطوة، فما كان من صاحب الشرعية التي منحت الساسة حق الدخول للدولة إلا سحبها عبر إلغاء نصوص الشراكة، وفق إجراءات 25 اكتوبر.

ليدخل حمدوك في مفاوضات برعاية عبد الرحيم دقلو، ويوقع على إتفاق 21 نوفمبر، و تتقدم الحكومة بإستقالة جماعية، وقد كان رد حمدوك عليه بالنص حينها ” متروك لكم الأمر لاتخاذو القرار الذي ترونه مناسبا” مما يعد أن هذه الحكومة مستقيلة بموجب اتفاق حمدوك في نوفمبر.

فشل حمدوك في أن يأخذ خطوة واضحة،فقدم استقالته هو الآخر في يناير، وكان حمدوك قد تمكن بدايةً من اتخاذ قرار مراجعة حالات الإعفاء والتوظيف في الهيئات الحكومية والانتقالية وفق الإتفاق الموقع مع البرهان.

دخلت البلاد في حالة من السيولة البيروقراطية التي يتحمل وزرها السيد رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في عدم الإلتزام بحديثه وفق المؤتمر الصحفي الذي عقده في نهار 26 نوفمبر على رؤوس الأشهاد، لنعاني من عدم الوضوح ومن ثم التأثير على أجهزة الدولة التنفيذية، وهو الخطأ الذي نحذر منه حاليا أيضا، ونرجو عدم تكرار الموقف.

حاول السيد فولكر رئيس البعثة المستقيل نتيجة المطلب الرئاسي من قبل الحكومة السودانية، ان يقدم خارطة حل خلصت إلى مؤتمر الرياض الذي انعقد تحت اسم اصدقاء السودان، وتكونت الآلية الرباعية منه، لتدخل البلاد في عملية سياسية مغلقة، تعنتت اتجاهها قوى الحرية و التغيير، ومن ثم ترفض في يوليو حديث البرهان المفضي الى خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية.

بعدها في أغسطس تبدأ صياغه إطار سياسي جديد برعاية من الآلية الرباعية ومباركة من قوى إعلان الحرية و التغيير التي قررت أن تقدم نقدم غبي لفترتها في الحكم، ومن ثم تجلس مع برهان صاحب الشرعية، لتوقع وتهندس الإنفاق الإطاري، الذي قاد إلى هذه المحرقة بجانب تناقضات رئيسة أخرى سابقة لهذا الإنفاق.

إذن من الغباء الإدعاء السياسي بشرعية سياسية او دستورية حتى لوضعيتها، وما تحدثت به مجرد مناورة سياسية لها ما بعدها من أحقية في عملية سياسية، فهي الآن تنسف كل عملية سياسية بعد 25 أكتوبر، وتريد ان تعود بعقارب التاريخ إلى 25 أكتوبر، لتعمل على فك الارتباط مع الوضعية السياسية بعد أغسطس 2022م وهو ما لا يمكن وقوعه سياسيا.

وتريد ان تربك المشهد عبر إقحام حمدوك السيد رئيس الوزراء المستقيل، الذي هو جزء من خطوات سياسية خارجية تكشفت من خلال خطوته الحالية، مما يعني ولوقعه في إيناء فاسد سياسيا،ليثبت لنا أن بردايم أبريل 2019م سياسيا مرتبط مع بعضه البعض ولا يمكن فصله في المصالح، لذلك وجب بل أصبح من الضروري تجاوز هذا الخبث و البلاهة السياسية.

حسان الناصر