Kuwait
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

القوائم النسبية بين براعة الفكرة وسذاجة التطبيق

في المقدمة لا يسعني التحدث حول القوائم النسبية، دون الحديث عن ملخص بسيط عن نشأة الأحزاب في التاريخ المعاصر بعيداً عن نظريات أفلاطون وأرسطو. أصل الفكرة من وجود الأحزاب السياسية هي ضم مجموعة من الأشخاص يتشاركون ذات المبادىء الاقتصادية/ السياسية/ الثقافية، فبالتالي تسهل عملية “التنظيم السياسي والاداري للبلد”، فهي أداة سلميه للوصول الى السلطة “ومنظمة لإدارة البلد وفق رؤية محددة الاهداف والمعالم”. وجدت فكرة انشاء الحزب السياسي في الولايات المتحده الامريكية بين حزب “الفيدرالست” بقيادة هاملتون حيث كان وزير خزانة الدولة في عهد جورج واشنطن و الحزب الجمهوري الديمقراطي بقيادة جيفرسون وزير الخارجية في ذات العهد.

في عام 1789 سيطرة “الفيدرالست” على الحكومة الوطنية من عام 1789 حتى عام 1801 أما جماعة الجمهوري الديمقراطي كانت مناهضه لحزب “الفيدرالست” حتى انتهى الاخير و بدأ عهد جيفرسون و بدأن معها سياسات جديدة مختلفة وفق رؤية محددة واضحة الاهداف.

أصل ضرورة الاحزاب تكمن بضم المرشحين المتفقين حول مبادىء معينة، من ناحية أخرى الحصول على أكبر قدر من الاصوات لإدارة الدولة في ” في النظام الرئاسي” أو للحصول على أغلبية برلمانية “لتشكيل الحكومة” أو “حكومة توافقية بين الأحزاب”. ففي الولايات المتحدة الامريكية، في الانتخابات الرئاسية يستطيع الحزب من خلال الرئيس تشكيل الحكومة منفرداً، ومن ناحية أخرى انتخابات برلمانية تكون الغلبة لمن حصل على أكبر قدر من الاصوات، لمراقبة السلطة التنفيذية و مناكفتها سياسيا اذا ما تجاوزت حدودها الدستورية أو ابتعدت عن الرغبات الشعبية. أما التجربة البريطانية فلا حكومة تُشكل إلا بأغلبية برلمانية، مقابلة لها حكومة الظل لتراقب وتحاسب أعمال الحكومة.

بيت القصيد من هذا السرد هو توضيح أن فكرة التيارات/ القوائم/ الأحزاب “سمها ما شئت” نشأت لتنظم عملية ادارة الدولة، لتكون أعمال السلطة التنفيذية حول أهداف معينة متفق عليها سلفاً بوعود مقطوعة للناخبين، ومن جانب آخر لتكون السلطة التشريعية التي تضم في جوفها تيارات سياسية منتخبة سُلطة محاسبة و مراقبة لأعمال السلطة التنفيذية ومشرعة لها في ما تطرحه في البرنامج التنفيذي. أما في الكويت المفاهيم ” مقلوبة ” لنخلق بدعة جديدة تسمى القوائم النسبية والبرامج الانتخابية، ليأتي تساؤل كيف “للقائمة” أن تقطع وعوداً لناخبين وهي لا تملك ادارة السلطة التنفيذية؟ جماعة الحملة سقطوا سهواً متعمدين او جهلاً ! إذ كيف للمرشح قطع وعد بشيء لا يملكه ؟ ففاقد الشيء لا يعطيه وأن هذه الوعود هي حبر على ورق ومجرد كلمات لدغدغة مشاعر المواطنين لا أكثر لأن القائمة “لا تملك ادارة الدولة”.

اذا افترضنا من الناحية الأخرى وهي الناحية العملية، أن للقائمة تمثيل كبير في البرلمان، هذا لا يعني الدخول للحكومة وإدارة أغلبية الحقائب الوزارية، لأن أيضا ببساطة شديدة في ظل هذه البنية السياسية، لن تتخلى الأسرة عن إدارة السلطة التنفيذية؟ فما الحل؟ قد تتوحد الأفكار لكن قطعاً هي ليست الحل وليست الأداة السحرية لحل مشاكل الكويت !

الاشكالية في الكويت لا بالشكل السياسي، بل في الممارسات السياسية، وأننا الى الآن ندور حول المشكلة لا على المشكله ذاتها، قد نحقق تنظيم سياسي أكثر، لكن قطعا وجزما سنكرر ذات المشهد في التجربة النقابية وننقلها الى البرلمان بشكل منظم أكثر وهي وجود “عراب ” وراء القائمة، ناهيك عزيزي القارىء عن ممارسات عراب النقابة في الانتخابات من محاصصة قبلية وعائلية وطائفية. في البرلمان سيكون عراب القائمه “شيخ” امام عراب اخر من الاسره، ليستمر الصراع حول مشروع الطموح للوصول الى الحكم. مستخدما أدوات شُكلت بطريقة أخرى.

ما هكذا تورد الابل وما هكذا تُطرح الحلول، هذه هي الاشكالية في الكويت أن الحلول سطحية. فللأسف، نفتقد للتفكير والتحليل النقدي من النخب السياسية. شخصياً أرى بوجوب وجود القوائم النسبية، فالتنظيم السياسي أمر ضروري، وأن يكون التمثيل لا برلمانياً بل أيضا في السلطة التنفيذية وأن تكون الوعود حول رؤية وبرنامج وأهداف لا حول قوانين دون الخوض في ما ورائها من فكرة ورؤية وهدف، فتصب في أهداف ورؤية البرنامج الحكومي، لكن قبل التوجه لإقرار قانون ينظم العمل السياسي يجب “حل صراع الاسرة” أولاً، وأن يكون للطامح من أبناء الأسرة للوصول الى الحكم قنوات خاصة بعيداً عن السلطة التنفيذية والتشريعية، وانهاء حالة الفساد في الدولة.

على الهامش:
أكبر المستفيدين من القوائم النسبية في ظل هذه الاوضاع هم المتنفذين، فسعر الجملة أرخص من سعر الحبة الوحدة.

علي الغتر