Iraq
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

ادوار اخرى للفصائل: شرطة ومحاكم!

إتاوات مضرة بالصحة

"نعيم ابو الليل"، يعمل في بيع الاغنام بمنطقة حسينية المعامل، يقول :"منذ أن ذهب البعثية (ويقصد حزب البعث المحظور) لا تتدخل الشرطة او القوات الامنية في فض النزاعات بمناطقنا وانما الفصائل".

ويضطر ابو الليل الى عقد تفاهمات مستمرة مع الجماعات المسلحة التي تسيطر على الأرض منذ (20) عاما، ليتمكن من وضع الاغنام على الشارع العام ويقوم بأعمال الجزارة المخالفة لتعليمات وزارتي الصحة والزراعة.

ويتابع :"لا يوجد شيء مجاني في المعامل، نحن ندفع الى الجماعة (في اشارة الى الفصائل) مبلغ (200) الف شهريا حتى نستطيع العمل... "وين نروح هذا رزقنا".

رداء جديد.. من البعث الى الفصائل

بعد انهيار مؤسسات الدولة خلال الاجتياح الامريكي للعراق ملئ المسلحين الفراغ الذي تركته القوات المحلية في مناطق شرق العاصمة، ومن ذلك الوقت تلعب فصائل بأسماء متعددة دور السلطة.

يرتدي (ابو حسن)، وهي كنية مسؤول تابع لأحدى الفصائل في منطقة (الباوية) شرقي بغداد، دشداشة سوداء لامعة ويحرص أن يتواجد في كل عزاء وبشكل اقل في حفلات الزفاف.

لا يستخدم (ابو حسن) يده اليسرى في الغالب لأنه تعرض الى اصابة بالغة في مشاجرة حين كان صبيا، بحسب ما يقوله الاهالي عن ذلك الرجل ذو التاريخ المليء بالتقلبات.

وقبل الاطاحة بالنظام السابق كان (ابو حسن) الذي يتجاوز عمره الان الـ60 عاما، يجلس مع  (خفارات) البعثيين على أريكة خشبية  بجانب مدرسة بمدينة صدام سابقاً (الصدر حاليا) متوعدا الامريكان بالذبح!.

اختفى (ابو حسن) ايام قليلة بعد 2003 وكان حينها يستخدم اسما اخر (تتحفظ (المدى) عن ذكر اسمه)، قبل ان يظهر مرة جديدة مع مجموعة من ابناء المنطقة لتشكيل "فوج الحراسة".

بدأ الفوج بمهمات حماية المنازل والأهالي بسبب غياب الشرطة، ثم تحول الامر تدريجيا للسطو على البيوت الفارغة ثم توسع إلى أحياء مجاورة في شارع فلسطين وزيونة.

(ابو حسن) تقلب في انتماءاته بين الفصائل على نظرية "من الاقوى"، وبات اليوم يمثل حاكما شرعيا و سلطويا في شرق القناة، فكيف حدث ذلك؟

كان الظهور العلني لـ "داعش" في 2014 الفرصة الذهبية التي دفعت الفصائل بالمقابل الى اظهار اسلحتها وقياداتها الذي كان اغلبهم معتقلين في السجون الامريكية قبل ان يفرج عنهم.

وتحولت عملية المخاتلة بين هذه الفصائل والقوات الامنية في الأحياء السكنية خلال السنوات التي اعقبت سقوط النظام السابق الى فرض واقع، حينها صارت الجماعات المسلحة الاكثر شعبية.

احصائية.. عدد الفصائل     

بالغت ماكنة الفصائل الاعلامية في تسطير بطولات تلك الجماعات والادوار المهمة التي لعبتها في الحرب ضد "داعش".

بالمقابل كان يعمل مايطلق عليه الجهد المدني لتلك المجاميع في تكريس وجوده بالمدن وحل النزاعات والمشاكل الخدمية.

وصل عدد الفصائل الى 70 فصيلا على الاقل، وفي اخر احصائية رسمية لأعداد تلك الجماعات المنضوية في الحشد الشعبي، وفق موازنة 2023، بلغ  اكثر من 230 ألف عنصر.

الانتشار الهائل للفصائل وتوسع أدواره وتمدده انتقدته جهات سياسية على مستويات مختلفة، وكانت تلك الأطراف في الغالب تتعرض الى التشويه.

مواقف رسمية وشعبية

رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي، اعترض مرات عدة على ميزانية واعداد الحشد، كان يشك بوجود جماعات وهمية وتعرض لانتقاد قاس بسبب تلك المواقف.

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بدوره، دعا هو الاخر في اكثر من مناسبة الى ابعاد ما اسماهم "المليشيات الوقحة" عن المشهد، وواجه اتهامات بـ"العمالة".

كما طالب النائب السابق ظافر العاني في اجتماع للبرلمانيين العرب في القاهرة العاصمة المصرية، بوضع "المليشيات في قائمة الإرهاب".

كذلك انتقد النائب رعد الدهلكي مرار اعمال الفصائل، وقال في احدى المرات ان "المليشيات تحتل الأراضي المسترجعة من تنظيم داعش".

ومؤخرا حاصرت الفصائل منزل سجاد سالم، النائب المستقل في واسط، بسبب انتقاده لوجود "المليشيات" و"السلاح المنفلت".

تدريجيا تحول دور هذه الفصائل، خصوصا بعد الانتهاء من "داعش" في 2017، الى مؤسسات تحقيقية وقضائية عبر الأعراف العشائرية.

استثمرت الجماعات المسلحة الرصيد الشعبي الذي توفر لها ايام القتال وتخلي بعض المسلحين عن بدلاتهم العسكرية وجلسوا تحت قبة البرلمان.

ودفع هذا الخليط من الامكانيات الى ان تتحكم الفصائل بكل شيء على الارض، كما يجري في مناطق شرق بغداد.

معاً.. السلاح ومطرقة القاضي

يترأس ابو حسن جلسات الفصل العشائري اشبه بالحاكم، ويقرر طرد فلان من الحي او تحميل العشيرة الفلانية 60 مليون دينار بسبب حادث قتل او مشاجرة.

الاهالي بدورهم بدؤا كذلك بهجر مراكز الشرطة، حيث ان افراد القوات الامنية في اغلب الاحيان تستعين بتلك الفصائل لتتخلص من عقوبات ادارية واحيانا عشائرية.

بالطبع ليست كل هذه الفصائل التي تسيطر على الارض رسمية، بحسب مقرب من الحشد، الذي يقول ان "ابو مهدي المهندس (نائب رئيس الحشد السابق قتل قبل عامين بغارة امريكية قرب مطار بغداد) كان ينفذ دائما حملات لاعتقال من يدعي انتمائه الى الهيئة."

ويمتلك الحشد جهة تنفيذية وهي امن الحشد، وهذه القوة اعتقلت العام الماضي ما قالت انها "شبكة لحزب البعث" في كربلاء والنجف.

واكد امن الحشد انذاك انه نفد عملية استباقية واسعة، تم من خلالها "إحباط مخطط معاد ضد أمن بلدنا وزيارة الأربعين يقوده حزب البعث المحظور"، متحدثا عن اعتقال "شبكة فاعلة، منهم أعضاء قيادات قطرية وقيادات فروع وشعب"، في حزب البعث العراقي.

وفي ذلك الوقت كانت معلومات قد تداولت عن اعتقال أكاديميين ومحاميين واحد شيوخ العشائر، كانوا معروفين بانتقادهم لدور الفصائل.

ابو حسن ايضا لا يفوته ان يتكلم في جلسات الفصل العشائري التي تجرى في العادة داخل سرادق، عن بطولاته ضد حزب البعث (المحظور)، وعن اخر اجتماعاته مع القيادات ليؤكد بانه من "الجماعات الرسمية".