Iraq
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

في النظام التعليمي.. الرشوة ترتدي قناع التبرعات

المدى/ ايناس فيليب

تحرير/ ذو الفقار المحمداوي

تشهد العملية التربوية في العراق تدهوراً كبيراً في جميع مراحلها، سواء من ناحية المستلزمات المدرسية، وتوفير متطلباتها، أو من ناحية ارتفاع معدلات التسرب من المدارس، بسبب انعدام الرِّقابة والفقر في ظل تدهور الأوضاع المعيشية، ألا أن هناك من جاء ليضيف هما اخر يحمله ذوي الطلبة وهو جمع التبرعات.

ومنذ اكثر من عشرين عاما حلت هذه الظاهرة لتبين حجم النظام التعليمي وادارات وزارة التربية في تحديد سياق العمل الصحيح، فقد بات الأهالي يجمعون التبرعات للمدارس التي تعاني نقصًا في المواد الأساسية، وبالرغم من ظروفهم المعيشية الصعبة، الا ان المؤسسات التعليمية جعلت في جعبتنا العديد من التساؤلات، كان اولهن هو هل باتت وزارة التربية تواجه عجزًا ماليًا ليجعلها تتكئ على جيوب الطلبة؟

بداية الهبات

تنافس المدارس الأهلية تلك الحكومية لتقديم الخِدْمَات بالرغم أن المنهج الدراسي الذي يطرح يكون مشابهًا تمامًا لما يطرح في المدارس الحكومية، إلا أن العديد من الأهالي ممن سجلوا أبناءهم في هذه المدارس جعلوا من هذه التبرعات وسيلة للتحكم بإدارة المدرسة في تسهيلاتها وخدماتها للطالب، المدارس الحكومية من جانبها بدأت بتفعيل نفس الأسلوب باختلاف معايير التبرع والمساهمة، ألا أن البعض منها انجرفت لتحدد التبرعات المالية وتجبر ذوي الطلبة عليها، فالسبورات ومستلزمات التدريس إلى المنظفات وغيرها جعلت من ذوي الطلبة يستقطعون من مرتباتهم مبلغًا خاصة بهذا الأمر شهريًا.

يوضح محمد سباهي لـ(المدى)، حجم معاناته بعد نقل ابنه من مدرسة إلى أخرى بسبب استفحال هذه الظاهرة ويقول: "لقد كان هما اخر يقع على عاتقي إضافة إلى المعيشة الصعبة وارتفاع الدولار الذي جعل حياة المواطن أصعب من قبل، فالطبشور وقلم السبورات والمراوح الهوائية غيرها من الضروريات التي يجب ان توفرها إدارة المدرسة باتت من جيوب ذوي الطلبة". منوها أن "أما إذا رفض احدنا التبرع الا وتلقى العديد من الشكاوى ضد ابنه، ليصل الأمر إلى تراجع مستواه التعليمي، لذلك نقوم بما تريد المدرسة بلا تردد او رفض".

التربية تجيب

ولم تكن التبرعات حصرا على المال فقط، فهناك طلبة ملزمين على العمل في المدارس في أوقات الفراغ فبحسب المواطن إبراهيم العزاوي انه يحث ولده على المشاركة في تجميل مدرسته، فالطلبة تشارك في صبغ جدران المدرسة وتنظيفها وادامة المقاعد الدراسية وهذا الامر هو تبرع مقبول حسب راي العزاوي.

المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية كريم السيد يقول في تصريح لـ(المدى): "تفرق الوزارة، وفقًا للقانون، بين اختيارية التبرع وفرضه، بسبب وجوده المشروع إذا كان من مجلس الآباء واختيارياً كالتبرعات والهبات وفيما إذا كان اجبارياً يُشكل تحقيق في الموضوع".

ويؤكد السيد، عن الأنظمة المتبعة لدى وزارة التربية للحد من ظاهرة التبرعات عمومًا حتى وان كانت اختيارية أن "هناك اجراءات للحد منها عبر رصدها والإبلاغ عنها واتخاذ اجراءات فضلا عن تحويل بعض المعاملات إلكترونية".

الحل في مجلس الإباء

وباشرت العديد من "الكروبات" التي تديرها إدارة كل مدرس عبر مواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك، الواتسب، الانستغرام)، في نشر التوجيهات الخاصة بالتبرعات، منها المالية والمعنوية بطريقة الاستجداء واحيانا بالفرض والامر، الباحث الاجتماعي ولي الخفاجي يبين لـ(المدى)، انه ظاهرة التبرعات وليد التسعينيات من القرن الماضي وأيام الحصار الاقتصادي الذي عانى منه الشعب العراقي لاهتمام الحكومة آنذاك بالاهتمام بالأمور الحربية والعسكرية اكثر من اهتمامهم بالعملية الخدمية للمواطن لتفتح المجال أمام التبرعات على كل مؤسسات الدولة ومن ضمنها وزارة التربية، أما بعد سقوط النظام فقد واجهت العملية التربوية عدم كفاية التخصيصات المالية للجانب التربوي بسبب الزيادة في عدد السكان والمدارس الفساد المالي والإداري ما جعل البعض من إدارة المدارس ان تتقبل التبرعات".

يضيف الخفاجي "هناك جانب إيجابي في هذا الأمر وهو لا ضير باشراك ذوي الطلبة بالمساهمات التي تساعد المدارس في توفير المستلزمات، عن طريق مجلس الإباء وبواسطة وصولات محددة، ألا أن هناك سلبيات عندما يكون المعلم معتمد على بعض العوائل وهذا سيؤثر على التفرقة بين الطلبة وعدم المحاسبة والسيطرة بسبب أنفاق ذوي الطلبة على المدرسة"، منوها، أن "الحل في توفير تخصيص ميزانية كافية للمدارس وأذا كانت هناك مساعدات فيجب ان تكون عن طريق لجان خاصة في وزارة التربية وبطريقة تبعد العِلاقة بين الطالب والمعلم بصورة مباشرة، أي ان المدرسة لن تكون لديها معرفة بالطلبة المتبرعين".

يذكر ان قانون مجلس الإباء المادة 17لعام 1994 تنص على "تتكون مالية مجلس الاباء من "تبرعات وهبات ووصايا اولياء امور الطلاب أولا، اما ثانيا فتقبل "التبرعات والهبات والوصايا والمعونات النقدية والعينية التي تقدمها الاشخاص الطبيعي والمعنوية".