Iraq
This article was added by the user . TheWorldNews is not responsible for the content of the platform.

محاربة المحتوى الهابط.. انتهاك ام تنظيم؟

المدى/ ايناس فيليب

تحرير/ ذوالفقار المحمداوي

بدأت وزارة الداخلية منتصف كانون الثاني في تشكيل لجنة مختصة لمحاربة "المحتوى الهابط" الذي "يخالف الأخلاق والتقاليد" في مجتمع لا يزال محافظاً إلى حد كبير، وواصلت الجهات الأمنية اعتقال العديد من "مشاهير" وسائل التواصل الاجتماعي، بتهمة "الإساءة للذوق العام" اخرهم كان اليوم الثلاثاء بحق الفنانة (تيسير العراقية)".

ورافق هذا القرار جدلا واسعا في الشارع العراقي، بينما عزا العديد من المدونين ان فضاء السوشيال ميديا مفتوح وغير مقيد، وان التذرع بحماية المجتمع ما هي الا حجج واهية، اذا ن بإمكان العديد من صناع المحتوى خارج البلد اطلاق المحتويات الهابطة، ومن المستحيل تقييدهم بالملاحقات القضائية ضمن القوانين العراقية.

تحفيز ولكن!

وبعد حملة اعتقالات قامت بها وزارة الداخلية واتخاذ القضاء العراقي إجراءات بحق 14 شخصاً في قضية المحتوى "الهابط"، صدرت بحقّ ستة منهم أحكام بالسجن، لتعلن بعد ذلك عن تنظيم مسابقات شهرية لصناع المحتوى الإيجابي، حيث قالت في بيان لها إن "وزارة الداخلية متمثلة بدائرة العلاقات والإعلام وفي إطار حرصها على تشجيع أصحاب المحتوى الإعلامي والفني الإيجابي من الفنانين والإعلاميين والمعنيين وعامة مواطنينا الكرام، تود أن تعلن عن مسابقة شهرية لصناع هذا المحتوى".

وأوضحت أن الأمر "يتلخص في تجسيد فكرة عامة لصاحب المحتوى على شكل (فيلم) لا يتجاوز الدقيقتين أو أي محتوى آخر يرونه مناسبا لدعم عمل وزارة الداخلية وسعيها لتعزيز الاستقرار الأمني والسلم المجتمعي"، وأوضحت أن "مسابقة هذا الشهر هي لمكافحة جرائم المخدرات".

وأشارت إلى أن الفائز الأول سيحصل على جائزة قدرها ثلاثة ملايين دينار، بينما سيحصل الفائز الثاني على مليوني دينار، ويحصل الفائز الثالث على مليون دينار.

رقابة خاطئة

ومن أجل الإبلاغ عن المحتويات المنشورة على مواقع التواصل التي وتتضمن إساءة للذوق العام أو تحمل رسائل سلبية تخدش الحياء وتزعزع الاستقرار المجتمعي تم اطلاق منصة "بلّغ" الإلكترونية، بحسب ما نشر حينذاك، بينما أعلنت وزارة الداخلية عن تجاوز عدد البلاغات التي قدمت ضد "المحتوى الهابط" منذ إطلاق منصة الشكاوى "بلغ" حتى نهاية نيسان الماضي بواقع 135 ألف بلاغ.

وبالرغم من هذا العدد الكبير من البلاغات الا اننا نعود الى المربع الأول عندما يتعلق الامر بالمحددات والتوصيفات الواضحة للتمييز بين المحتوى الهابط والجيد، حتى يتم تجنب الوقوع فيها مسبقاً، وليس كما يحصل حالياً، إذ تجد نفسك دون سابق إنذار ودون إشعار تحت طائلة الانتهاك القانوني بسبب العشوائية في تقييم المحتوى.

بين النقد والانتقاد

يرى الخبير القانوني علي التميمي في حديثه لـ(المدى)، انه "لا يوجد تعريفا واضحا للفرق بين النقد والانتقاد وهو المهم مع الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي في حين نلاحظ ان قانون العقوبات ميز بشكل واضح بين السب والقذف والتشهير، وان النقد يراد منه الإصلاح والتقويم والخير، في حين ان الانتقاد هو لوم وكشف المستور ونشر الغسيل، والنقد يخلو من ركن الجريمة المعنوي، والذي هو أساس جرائم السب والقذف والتشهير، في حين ان الانتقاد هو إسناد واقعة لشخص اذا صحت جعلته موضع ازدراء في قومه وايضا هو المساس بالمشاعر، والنقد هو حسن النوايا وهو ظاهر الخير  وباطن الجمال، والانتقاد يخالف العادات والتقاليد والاعراف السائدة، والنقد به حسن النية مفترض وهو ستر الآخرين ومساعده بمد يد العون، اما الانتقاد فهو محاولة اغراق الآخرين في الاوحال وهو هروب من الواجب".

الحلول في التشريع

ويضيف التميمي ان "هناك خيوط فاصلة بين الاثنين تحتاج الى الدقة في التمييز، والمعيار بين الاثنين هو كل ما يشكل جريمة، فما يشكل جريمة هو الانتقاد الذي يعاقب عليها القانون وعكسه النقد الذي هو في السليم، ومع ذلك لا يرى الفرق من الرائي بسهولة الا بمعرفة النوايا، القصد الجنائي والذي يظهره التحقيق".

يؤكد التميمي لـ(المدى)، انه "يجب انشاء قسم خاص في هيئة الاعلام والاتصالات يكون بمثابة تعديل لقانون ٦٥ لسنة ٢٠٠٤، ويضمن هذا القسم عدد من المختصين في الاعلام والقانون، يراقب ما ينشر ويكون ارتباطه بالمدير التنفيذي للهيئة، وفي حالة ما يشكل جريمة يتم احالته الى المحكمة المختصة حسب الاختصاص المكاني القريب من الهيئة، وترتبط هذه الرقابة بجهات أمنية أخرى تستلم منها المعلومات"، منوها ان "قانون العقوبات في المادة ٤٠٣ يعاقب بالحبس لمدة سنتين وبالغرامة على النشر الهابط". منوها، ان "العراق يحتاج إلى تشريع قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية ليكون حلا لمثل هذه الجرائم الشائعة".

جانب مشوه

الباحث النفسي والاجتماعي عبد الرحمن السراجي يوضح لـ(المدى)، انه "بطبيعة الحال سلوك واخلاق كل مجتمع تتأثر بما تصيبه من ارهاصات سياسية تربك الناس او نكبات اقتصادية تلقي بضلالها الموجعة على المجتمع فيسود فيه الجهل والتخلف والسلوك الشاذ كرد فعل طبيعي للإنسان ككائن متغير المزاج والسلوك تحت المؤثرات، وهذا ما لمسناه في بعض افراد مجتمعنا والذي اظهرت لنا بشكل جلي مواقع السوشيال ميديا الجانب السيء لهذه الكائنات التي استبدلت القيم الانسانية بالابتذال، والاخلاق بالعري والشذوذ، والاعراف والتقاليد بصورة مستنسخة من الجانب المشوه للمجتمعات الغربية.

وأضاف السراجي ان "من وجهة نظر شخصية اخرى ارى تدهور مستوى التعليم وتدني الثقافة وعدم استيعاب وأدراك مفهوم الحرية ذهب بعقول ببعض الاشخاص الى الفهم الخاطئ والتالي سلوك مشوه فبعضهم يتعرى لجلب مشاهدات أكثر وبعضهم يتباها بشذوذه الجنسي وبعضهم يسيء الى الاديان والمذاهب بالسب والشتم والتحريض على العنف بالمختصر هؤلاء المسوخ حالة سيئة يجب مكافحتها وقلع جذورها عبر تشريع قوانين تلزمهم بالآداب وعدم اظهار شذوذهم الفكري".

يذكر مدونون وصحفيون طالوا مجلس النواب العراقي بأداء دوره في حماية الدستور والنظام الديمقراطي المستند إلى حرية الرأي والتعبير، والقيام بمهامه في المراقبة والمساءلة وتشريع قوانين جديدة تلغي قوانين مقرة في زمن النظام الدكتاتوري، وتتعارض مع الدستور، ولا تتلاءم مع عالم اليوم، ولا مع حقوق العراقيين المقرة دستوريا، بما في ذلك ضمان الحريات والتعددية الفكرية التي دفعوا لتثبيتها مئات آلاف الضحايا.